للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاسْتُتِيبَ فِي هُزِمَ، أَوْ أَعْلَنَ بِتَكْذِيبِهِ؛ أَوْ تَنَبَّأَ،

ــ

[منح الجليل]

فَقَالَ إنَّمَا أَرَدْت نَقْصِي بِهِ وَأَنَا بَشَرٌ وَجَمِيعُ الْبَشَرِ يَلْحَقُهُمْ النَّقْصُ حَتَّى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَفْتَاهُ بِإِطَالَةِ سَجْنِهِ وَإِيجَاعِ أَدَبِهِ، إذْ لَمْ يَقْصِدْ السَّبَّ، وَأَفْتَى بَعْضُ فُقَهَاءِ الْأَنْدَلُسِ بِقَتْلِهِ.

الشَّارِحُ وَالْقَوْلُ بِالْقَتْلِ أَظْهَرُ أَفَادَهُ شب. الْعَدَوِيُّ فَهُوَ الْمُعْتَمَدُ فَقَوْلُهُ قَوْلَانِ فِي الْفُرُوعِ الثَّلَاثَةِ وَحَذْفِهِ مِنْ الْأَوَّلَيْنِ لِدَلَالَةِ الثَّالِثِ وَالِاعْتِرَاضُ بِأَنَّ حَقَّهُ إبْدَالُهُ فِي الثَّالِثِ بِتَرَدُّدٍ تَقَدَّمَ جَوَابُهُ مِرَارًا بِأَنَّهُ قَالَ وَحَيْثُ قُلْت تَرَدُّدٌ وَلَمْ يَقُلْ وَحَيْثُ تَرَدَّدُوا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(وَاسْتُتِيبَ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ الْأُولَى الْمُكَلَّفُ (فِي) قَوْلِهِ (هُزِمَ) بِضَمِّ الْهَاءِ وَكَسْرِ الزَّايِ، فَإِنْ تَابَ فَلَا يُقْتَلُ وَيُشَدَّدُ أَدَبُهُ وَيُطَالُ سَجْنُهُ وَإِلَّا فَيُقْتَلُ. وَقَالَ رَبِيعُ بْنُ حَبِيبٍ يُقْتَلُ دُونَ اسْتِتَابَةٍ عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - وَاسْتَظْهَرَهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ، وَتَبِعَ الْمُصَنِّفُ ابْنَ الْمُرَابِطِ وَقَوْلُهُ ضَعِيفٌ. الْبِسَاطِيُّ إنْ كَانَ ابْنُ الْمُرَابِطِ قَالَ بِاسْتِتَابَةِ السَّابِّ كَالشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَلِقَوْلِهِ بِالِاسْتِتَابَةِ فِي هُزِمَ وَجْهٌ، وَإِنْ كَانَ خِلَافَ الْمَذْهَبِ وَإِلَّا فَلَا وَجْهَ لَهُ الْقُرْطُبِيُّ مَنْ قَالَ فَرَّ أَوْ هُزِمَ قُتِلَ وَلَا يُسْتَتَابُ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ مَنْ قَالَ إنَّهُ كَانَ أَسْوَدَ أَوْ ضَخْمًا فَأَنْكَرَ مَا عُلِمَ مِنْ وَصْفِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَذَلِكَ كُفْرٌ بِهِ وَلِأَنَّهُ قَدْ أَضَافَ إلَيْهِ نَقْصًا وَعَيْبًا.

(أَوْ أَعْلَنَ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَاللَّامِ وَسُكُونِ الْعِينِ، أَيْ أَظْهَرَ وَجَهَرَ (بِتَكْذِيبِهِ) أَيْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الرِّسَالَةِ أَوْ غَيْرِهَا فَيُسْتَتَابُ. طفي أَشَارَ بِذَلِكَ لِقَوْلِ عِيَاضٍ. الْوَجْهُ الثَّالِثُ أَنْ يَقْصِدَ إلَى تَكْذِيبِهِ فِيمَا قَالَهُ أَوْ أَتَى بِهِ، أَوْ يَنْفِيَ نُبُوَّتَهُ أَوْ رِسَالَتَهُ أَوْ وُجُودَهُ أَوْ يَكْفُرَ بِهِ فَهَذَا كَافِرٌ بِإِجْمَاعٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ تَكْذِيبٌ وَلَيْسَ بِتَنْقِيصٍ، وَإِذَا كَانَ عَدَمُ التَّصْدِيقِ بِمَا عُلِمَ مِنْ الدِّينِ ضَرُورَةً كُفْرًا لِأَنَّهُ يُؤَدِّي لِلتَّكْذِيبِ فَأَحْرَى التَّصْرِيحُ بِهِ (أَوْ تَنَبَّأَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا مَهْمُوزًا، أَيْ ادَّعَى أَنَّهُ نَبِيٌّ وَأَنَّهُ يُوحَى إلَيْهِ فَيُسْتَتَابُ لِتَكْذِيبِهِ الْقُرْآنَ وَالْحَدِيثَ، وَنُبُوَّةُ عِيسَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَابِقَةٌ، وَيُنَزَّلُ عَلَى أَنَّهُ وَاحِدٌ مِنْ أُمَّةِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيَحْكُمُ بِشَرِيعَةِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَيْهِمَا.

عِيَاضٌ لَا خِلَافَ فِي تَكْفِيرِ مُدَّعِي الرِّسَالَةِ وَتُقْبَلُ تَوْبَتُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ. وَعَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ

<<  <  ج: ص:  >  >>