. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[منح الجليل]
أَنْبِيَاءُ اللَّهِ تَعَالَى وَرُسُلُهُ، أَوْ قَدْ صَبَرْت كَمَا صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ أَوْ كَصَبْرِ أَيُّوبَ، أَوْ قَدْ صَبَرَ نَبِيُّ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى عِدَاهُ وَحِلْمُ عَلِيٍّ أَكْثَرُ مِمَّا صَبَرْت، وَكَقَوْلِ الْمُتَنَبِّي:
أَنَا فِي أُمَّةٍ تَدَارَكَهَا اللَّهُ ... غَرِيبٌ كَصَالِحٍ فِي ثَمُودِ
وَنَحْوُهُ مِنْ أَشْعَارِ الْمُتَعَجْرِفِينَ فِي الْقَوْلِ الْمُتَسَاهِلِينَ فِي الْكَلَامِ، كَقَوْلِ الْمَعَرِّيِّ:
كُنْت مُوسَى وَافَتْهُ بِنْتُ شُعَيْبٍ ... غَيْرَ أَنْ لَيْسَ فِيكُمَا مِنْ فَقِيرٍ
عَلَى أَنَّ آخِرَ الْبَيْتِ شَدِيدٌ وَدَاخِلٌ فِي بَابِ الْإِزْرَاءِ وَالتَّحْقِيرِ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِتَفْضِيلِ حَالِ غَيْرِهِ عَلَيْهِ، وَكَقَوْلِهِ:
لَوْلَا انْقِطَاعُ الْوَحْيِ بَعْدَ مُحَمَّدٍ ... قُلْنَا مُحَمَّدٌ مِنْ أَبِيهِ بَدِيلُ
هُوَ مِثْلُهُ فِي الْفَضْلِ إلَّا أَنَّهُ ... لَمْ يَأْتِهِ بِرِسَالَةٍ جِبْرِيلُ
وَصَدْرُ الْبَيْتِ الثَّانِي شَدِيدٌ لِتَشْبِيهِهِ غَيْرَ النَّبِيِّ بِهِ وَعَجْزُهُ مُحْتَمِلٌ لِوَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّ هَذِهِ الْفَضِيلَةَ نَقَّصَتْ الْمَمْدُوحَ وَالْآخَرُ اسْتِغْنَاؤُهُ عَنْهَا، وَهَذَا أَشَدُّ وَنَحْوٌ مِنْهُ قَوْلُ الْآخَرِ:
وَإِذَا مَا رُفِعَتْ رَايَاتُهُ ... صَفَّقَتْ بَيْنَ جَنَاحِي جَبْرَتَيْنِ
وَقَوْلُ الْآخَرِ مِنْ أَهْلِ الْعَصْرِ:
فَرَّ مِنْ الْخُلْدِ وَاسْتَجَارَ بِنَا ... فَصَبَّرَ اللَّهُ قَلْبَ رِضْوَانَ
وَكَقَوْلِ حَسَّانَ الْمِصِّيصِيِّ مِنْ شُعَرَاءِ الْأَنْدَلُسِ فِي مُحَمَّدِ بْنِ عَبَّادٍ الْمَعْرُوفِ بِالْمُعْتَمِدِ وَوَزِيرِهِ أَبِي بَكْرِ بْنِ زَيْدُونَ:
كَأَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَبُو بَكْرِ الرِّضَا ... وَحَسَّانَ حَسَّانُ وَأَنْتَ مُحَمَّدٌ
إلَى أَمْثَالِ هَذَا، وَإِنَّمَا أَكَثَرْنَا إنْشَادَ هَذِهِ مَعَ اسْتِثْقَالِنَا حِكَايَتَهَا لِتَعْرِيفِ أَمْثِلَتِهَا، وَلِتَسَاهُلِ كَثِيرٍ مِنْ النَّاسِ فِي وُلُوجِ هَذَا الْبَابِ الضَّنْكِ وَاسْتِخْفَافِهِمْ فَادِحَ هَذَا الْعِبْءِ وَقِلَّةِ عِلْمِهِمْ بِعَظِيمِ مَا فِيهِ مِنْ الْوِزْرِ وَكَلَامِهِمْ فِيهِ بِمَا لَيْسَ لَهُمْ بِهِ عِلْمٌ (وَيَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ) لَا سِيَّمَا الشُّعَرَاءُ وَأَشَدُّهُمْ فِيهِ تَصْرِيحًا وَلِلِسَانِهِ تَسْرِيحًا ابْنُ هَانِئٍ الْأَنْدَلُسِيُّ وَابْنُ سُلَيْمَانَ الْمَعَرِّيُّ، بَلْ قَدْ خَرَجَ كَثِيرٌ مِنْ كَلَامِهِمَا إلَى حَدِّ الِاسْتِخْفَافِ وَالنَّقْصِ وَصَرِيحِ الْكُفْرِ
وَقَدْ أَجَبْنَا عَنْهُ، وَغَرَضْنَا الْآنَ الْكَلَامَ فِي هَذَا الْفَصْلِ الَّذِي