. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[منح الجليل]
سُقْنَا أَمْثِلَتَهُ فَإِنَّهَا كُلَّهَا وَإِنْ لَمْ تَتَضَمَّنْ سَبًّا وَلَا أَضَافَتْ إلَى الْمَلَائِكَةِ وَالْأَنْبِيَاءِ نَقْصًا غَيْرِ عَجْزِي بَيْتَيْ الْمَعَرِّيِّ وَلَا قَصَدَ قَائِلُهَا إزْرَاءً وَغَضًّا فَمَا وَقَّرَ النُّبُوَّةَ وَلَا عَظَّمَ الرِّسَالَةَ وَلَا عَزَّرَ حُرْمَةَ الِاصْطِفَاءِ، وَلَا عَزَّرَ حُظْوَةَ الْكَرَامَةِ حَتَّى شَبَّهَ مَنْ شَبَّهَ فِي كَرَامَةٍ نَالَهَا أَوْ مَعَرَّةٍ قَصَدَ الِانْتِفَاءَ مِنْهَا أَوْ ضَرَبَ مَثَلًا لِتَطْيِيبِ مَجْلِسِهِ أَوْ أَغْلَى فِي وَصْفٍ لِتَحْسِينِ كَلَامِهِ بِمَنْ عَظَّمَ اللَّهُ تَعَالَى خَطَرَهُ وَشَرَّفَ قَدْرَهُ، وَأَلْزَمَ تَوْقِيرَهُ وَبِرَّهُ، وَنَهَى عَنْ جَهْرِ الْقَوْلِ لَهُ وَرَفْعِ الصَّوْتِ عِنْدَهُ فَحَقُّ هَذَا إنْ دُرِئَ عَنْهُ الْقَتْلُ الْأَدَبُ وَالسَّجْنُ وَقُوَّةُ تَعْزِيرِهِ بِحَسَبِ شُنْعَةِ مَقَالِهِ، وَمُقْتَضَى قُبْحِ مَا نَطَقَ بِهِ وَمَأْلُوفِ عَادَتِهِ لِمِثْلِهِ أَوْ نُدُورِهِ وَلَمْ يَزَلْ الْمُتَقَدِّمُونَ يُنْكِرُونَ مِثْلَ هَذَا مِمَّنْ جَاءَ بِهِ، وَقَدْ أَنْكَرَ الرَّشِيدُ عَلَى أَبِي نُوَاسٍ قَوْلَهُ:
فَإِنْ يَكُ بَاقٍ سِحْرُ فِرْعَوْنَ فِيكُمْ ... فَإِنَّ عَصَى مُوسَى بِكَفٍّ خَصِيبٍ
وَقَالَ لَهُ يَا ابْنَ الْخَنَا أَنْتَ مُسْتَهْزِئٌ بِعَصَى مُوسَى وَأَمَرَ بِإِخْرَاجِهِ مِنْ عَسْكَرِهِ فِي لَيْلَتِهِ، وَذَكَرَ الْعُتْبِيُّ إنَّ مِمَّا أُنْكِرَ عَلَيْهِ أَيْضًا وَكُفِّرَ بِهِ أَوْ قَارَبَهُ قَوْلُهُ فِي مُحَمَّدٍ الْأَمِينِ تَشْبِيهُهُ إيَّاهُ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَوْلِهِ:
تَنَازَعَ الْأَحْمَدَانِ الشَّبَهَ فَاشْتَبَهَا ... خَلْقًا وَخُلُقًا كَمَا قَدْ الشَّرَّا كَانَ
وَقَدْ أَنْكَرُوا عَلَيْهِ أَيْضًا قَوْلَهُ:
كَيْفَ لَا يُدْنِيكَ مِنْ أَمَلٍ ... مِنْ رَسُولِ اللَّهِ مِنْ نَفَرِهْ
لِأَنَّ حَقَّ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمُوجَبِ تَعْظِيمِهِ وَإِنَافَةِ مَنْزِلَتِهِ أَنْ يُضَافَ إلَيْهِ غَيْرُهُ، وَلَا يُضَافَ هُوَ إلَى غَيْرِهِ، فَالْحُكْمُ فِي هَذَا مَا بَسَّطْنَاهُ فِي طَرِيقِ الْفُتْيَا، وَعَلَى هَذَا الْمَنْهَجِ جَاءَتْ فُتْيَا إمَامِ مَذْهَبِنَا مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ وَأَصْحَابِهِ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ".
أَبُو الْحَسَنِ فِي شَابٍّ مَعْرُوفٍ بِالْخَيْرِ قَالَ لِرَجُلٍ شَيْئًا فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ اُسْكُتْ فَإِنَّك أُمِّيٌّ فَقَالَ الشَّابُّ أَلَيْسَ كَانَ النَّبِيُّ أُمِّيًّا فَشَنَّعَ عَلَيْهِ مَقَالَتَهُ وَكَفَّرَهُ النَّاسُ وَأَشْفَقَ الشَّابُّ مِمَّا قَالَ وَأَظْهَرَ النَّدَمَ عَلَيْهِ، فَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ أَمَّا إطْلَاقُ الْكُفْرِ عَلَيْهِ فِي ضَلَالَتِهِ فَخَطَأٌ، لَكِنَّهُ مُخْطِئٌ فِي اسْتِشْهَادِهِ بِصِفَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَكِنَّهُ إذَا اسْتَغْفَرَ وَتَابَ وَاعْتَرَفَ وَلَجَأَ إلَى ذَلِكَ فَيُتْرَكُ لِأَنَّ قَوْلَهُ لَا يَنْتَهِي إلَى حَدِّ قَتْلِهِ وَمَا طَرِيقُهُ الْأَدَبُ فَطَوْعُ فَاعِلِهِ بِالنَّدَمِ عَلَيْهِ يُوجِبُ الْكَفَّ عَنْهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute