للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ وَلَدُ زِنًا، أَوْ كَيَا قَحْبَةُ

أَوْ قَرْنَانُ، أَوْ يَا ابْنَ مُنْزِلَةِ الرُّكْبَانِ،

ــ

[منح الجليل]

أَنَّ لِأُمِّهِ الْقِيَامَ بِحَقِّهَا فِي الْحَدِّ. قُلْت هَذَا اللَّازِمُ حَقٌّ وَهُوَ مُقْتَضَى قَوْلِهَا مَنْ قَالَ لِعَبْدِهِ وَأَبَوَاهُ حُرَّانِ مُسْلِمَانِ لَسْتَ لِأَبِيك ضُرِبَ الْحَدَّ، وَقَالَ اللَّخْمِيُّ ذَكَرَ سَحْنُونٌ عَنْ أَشْهَبَ لَا حَدَّ عَلَى مَنْ قَطَعَ نَسَبَ عَبْدٍ وَإِنْ كَانَ أَبَوَاهُ حُرَّيْنِ لِأَنَّهُ يَصِحُّ أَنَّهَا أَتَتْ بِهِ وَزَعَمَتْ أَنَّهَا وَلَدَتْهُ فَلَا يَكُونُ قَاذِفًا لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا.

(أَوْ) قَالَ الْمُكَلَّفُ لِنَفْسِهِ إنَّهُ (وَلَدُ زِنًا) فَيُحَدُّ لِقَذْفِهِ أُمَّهُ (أَوْ) قَالَهُ لِمَرْأَةٍ (كَيَا قَحْبَةُ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَسُكُونِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ مِنْ الْقَحْبِ أَصْلُهُ الطَّعْنُ فِي السِّنِّ وَالْمَكْرُ وَالْخَدِيعَةُ، وَكَانَتْ الْعَرَبُ تَدْعُو الْفَاجِرَةَ بِالْقِحَابِ وَالرَّوَاءِ، أَيْ السُّعَالِ وَالْقَيْحِ فِي الرِّئَةِ أُطْلِقَ عَلَى الزَّانِيَةِ لِأَنَّهَا تَسْعُلُ وَتَتَنَحْنَحُ رَامِزَةً بِذَلِكَ لِمَنْ يُرِيدُهَا فَيُحَدُّ، وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ صَبِيَّةً بِالتَّصْغِيرِ وَعَاهِرَةً وَفَاجِرَةً إذَا جَرَى الْعُرْفُ بِقَصْرِهَا عَلَى الزَّانِيَةِ وَإِلَّا فَلَا حَدَّ فِيهِ كَمَا يَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ، وَبِهِ يَنْدَفِعُ قَوْلُ طفي لَمْ يَذْكُرْ الشَّارِحُ فِي شُرُوحِهِ وَلَا فِي شَامِلِهِ لَفْظَ فَاجِرَةٍ هُنَا فِي الْأَلْفَاظِ الْمُوجِبَةِ لِلْحَدِّ وَلَا الْمُصَنِّفُ فِي تَوْضِيحِهِ وَلَا ابْنُ عَرَفَةَ وَلَا الْمُدَوَّنَةِ، وَإِنَّمَا فِيهَا الْأَدَبُ الْآتِي فِي قَوْلِهِ يَا ابْنَ الْفَاسِقَةِ وَيَا ابْنَ الْفَاجِرَةِ.

(أَوْ) قَالَ لِرَجُلٍ (يَا قَرْنَانُ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَسُكُونِ الرَّاءِ فَنُونَانِ بَيْنَهُمَا أَلِفٌ عَلَمُ جِنْسٍ لِزَوْجِ الزَّانِيَةِ لِقَرْنِهِ غَيْرَهُ مَعَهُ عَلَيْهَا فَيُحَدُّ لِلْمَرْأَةِ وَيُؤَدَّبُ لِلرَّجُلِ مِنْ الْقِرَانِ وَهُوَ الْجَمْعُ، وَكَذَلِكَ قَرْنٌ وَقِرَانٌ وَمُعَرَّصٌ وَطَحَّانٌ. الْقَرَافِيُّ الْمَدَارُ عَلَى الدَّلَالَاتِ الْعُرْفِيَّةِ.

(أَوْ يَا ابْنَ مُنْزِلَةِ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ أَوْ فَتْحِ مُثَقَّلِ الزَّايِ (الرُّكْبَانِ) فَيُحَدُّ فِي الذَّخِيرَةِ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ إذَا طَلَبَتْ الْفَاحِشَةَ أَنْزَلَتْ الرُّكْبَانَ عِنْدَهَا، وَضَابِطُ هَذَا الِاشْتِهَارَاتُ الْعُرْفِيَّةُ وَالْقَرَائِنُ الْحَالِيَّةُ، فَمَتَى فُقِدَ أُحْلِفَ وَإِنْ وُجِدَ أَحَدُهُمَا يُحَدُّ، وَإِنْ انْتَقَلَ الْعُرْفُ وَبَطَلَ بَطَلَ الْحَدُّ، وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِحَسَبِ الْأَعْصَارِ وَالْأَمْصَارِ، وَبِهَذَا يَظْهَرُ أَنَّ ذَاتَ الرَّايَةِ وَمُنْزِلَةَ الرُّكْبَانِ لَا يُوجِبَانِ حَدًّا الْآنَ، وَأَنَّهُ لَوْ اُشْتُهِرَ فِي الْقَذْفِ مَا لَمْ يُوجِبْ الْحَدَّ لَأَوْجَبَهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>