للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ ذَاتِ الرَّايَةِ، أَوْ فَعَلْتُ بِهَا فِي عُكَنِهَا؛ لَا إنْ نَسَبَ جِنْسًا لِغَيْرِهِ وَلَوْ أَبْيَضَ لِأَسْوَدَ،

ــ

[منح الجليل]

(أَوْ) قَالَ (يَا ابْنَ ذَاتِ الرَّايَةِ) فَيُحَدُّ فِي الذَّخِيرَةِ، لِأَنَّ الْمَرْأَةَ كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ إذَا طَلَبَتْ الْفَاحِشَةَ جَعَلَتْ عَلَى بَابِهَا رَايَةً (أَوْ) قَالَ (فَعَلْت) بِضَمِّ التَّاءِ (بِهَا) أَيْ الْمَرْأَةِ (فِي عُكَنِهَا) بِضَمِّ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الْكَافِ جَمْعُ عُكْنَةٍ بِضَمٍّ فَسُكُونٍ، أَيْ طَيَّاتِ بَطْنِهَا مِنْ سِمَنِهَا فَيُحَدُّ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يُحَدُّ (لَا) يُحَدُّ (إنْ نَسَبَ) الْمُكَلَّفَ (جِنْسًا) أَيْ صِنْفًا مِنْ الْإِنْسَانِ غَيْرِ الْعَرَبِ بِقَرِينَةِ مَا تَقَدَّمَ، وَكَانَ الْمَنْسُوبُ أَبْيَضَ لِمِثْلِهِ كَقَوْلِهِ لِلرُّومِيِّ يَا شَامِيُّ أَوْ عَكْسُهُ، أَوْ لِمِثْلِهِ كَقَوْلِهِ لِلْبَرْبَرِيِّ يَا حَبَشِيُّ أَوْ عَكْسُهُ، بَلْ (وَلَوْ) نَسَبَ (أَبْيَضَ لِأَسْوَدَ) كَقَوْلِهِ لِلرُّومِيِّ يَا زِنْجِيُّ أَوْ عَكْسِهِ بِأَنْ قَالَ لِلْحَبَشِيِّ يَا رُومِيُّ.

فِيهَا إنْ قَالَ لِفَارِسِيٍّ يَا رُومِيُّ أَوْ يَا حَبَشِيُّ أَوْ لِرُومِيٍّ يَا حَبَشِيُّ أَوْ نَحْوَ هَذَا فَلَا يُحَدُّ. ابْنُ الْقَاسِمِ اُخْتُلِفَ عَنْ مَالِكٍ فِي هَذَا وَأَنَا أَرَى أَنْ لَا حَدَّ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَقُولَ يَا ابْنَ الْأَسْوَدِ وَلَيْسَ فِي آبَائِهِ أَسْوَدُ فَعَلَيْهِ الْحَدُّ، فَأَمَّا إنْ نَسَبَهُ إلَى حَبَشِيٍّ فَقَالَ لَهُ يَا ابْنَ الْحَبَشِيِّ وَهُوَ بَرْبَرِيٌّ، فَالْحَبَشِيُّ وَالرُّومِيُّ فِي هَذَا سَوَاءٌ إذَا كَانَ بَرْبَرِيًّا. ابْنُ يُونُسَ سَوَاءٌ يَا حَبَشِيُّ أَوْ يَا ابْنَ الْحَبَشِيِّ أَوْ يَا رُومِيُّ أَوْ يَا ابْنَ الرُّومِيِّ فَلَا يُحَدُّ، وَكَذَا عَنْهُ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ. وَفِيهَا مَنْ قَالَ لِعَرَبِيٍّ يَا حَبَشِيُّ أَوْ يَا فَارِسِيُّ أَوْ يَا رُومِيُّ فَعَلَيْهِ الْحَدُّ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ لِمِصْرِيٍّ يَا يَمَانِيُّ أَوْ لِقَيْسِيٍّ يَا كَلْبِيُّ فَعَلَيْهِ الْحَدُّ لِأَنَّ الْعَرَبَ تُنْسَبُ إلَى آبَائِهَا، وَهَذَا نَفْيٌ لَهَا عَنْ آبَائِهَا.

ابْنُ رُشْدٍ الْعَرَبُ تَحْفَظُ أَنْسَابَهَا فَمَنْ نَسَبَ وَاحِدًا مِنْهُمْ إلَى غَيْرِ جِنْسِهِ، بَلْ إلَى غَيْرِ قَبِيلَتِهِ يُحَدُّ، بِخِلَافِ مَنْ نَسَبَ غَيْرَهُمْ لِغَيْرِ جِنْسِهِ أَوْ غَيْرِ قَبِيلَتِهِ فَلَا يُحَدُّ لِأَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ أَنَّهُ قَطَعَهُ عَنْ نَسَبِهِ، إذْ لَعَلَّهُ كَذَلِكَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ اهـ. وَمَعْنَاهُ أَنَّ الْعَرَبَ يَعْتَنُونَ بِمَعْرِفَةِ أَنْسَابِهِمْ جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى ذَلِكَ فِيهِمْ فَتَجِدُ الْوَاحِدَ مِنْهُمْ يَعُدُّ مِنْ آبَائِهِ الْعَشَرَةَ أَوْ أَكْثَرَ، وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ كَبِيرُ فَائِدَةٍ مُزْرِيَةٍ عَلَى غَيْرِهِمْ إذْ هُوَ عِلْمٌ لَا يَنْفَعُ، وَجَهَالَتُهُ لَا تَضُرُّ كَمَا فِي الرِّسَالَةِ وَغَيْرِهَا. زَرُّوقٌ إنَّمَا يَكُونُ كَذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ تَعْمِيقًا وَإِلَّا فَعِلْمُهُ يَضُرُّ وَجَهَالَتُهُ تَنْفَعُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>