للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ الْعَرَبِ، أَوْ قَالَ مَوْلًى لِغَيْرِهِ: أَنَا خَيْرٌ

أَوْ مَا لَك أَصْلٌ وَلَا فَصْلٌ

أَوْ قَالَ لِجَمَاعَةٍ

ــ

[منح الجليل]

الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ الظَّاهِرُ حَمْلُ مَا وَرَدَ مِنْ ذَمِّهِ عَلَى التَّعْمِيقِ فِيهِ وَإِلَّا فَعِلْمُ مَا يُعْرَفُ بِهِ الرَّحِمُ لِيُوصَلَ، وَالْمَحَارِمُ لِتُجْتَنَبَ فِي النِّكَاحِ مَحْمُودٌ مَأْمُورٌ بِهِ، وَالْعَرَبُ لَا يَقْتَصِرُونَ عَلَى هَذَا الْقَدْرِ، فَرَتَّبَ هَذَا الْحُكْمَ عَلَى تَعَمُّقِهِمْ فِي ذَلِكَ فَلَيْسَ مَعْنَى كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ غَيْرَ الْعَرَبِ لَا يَتَحَاشَوْنَ عَنْ الزِّنَا فَإِنَّهُ طَعْنٌ فِي فِرَقِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ فُرْسٍ وَرُومٍ وَبَرْبَرٍ وَغَيْرِهِمْ، وَالْوَاقِعُ يُكَذِّبُهُ، فَإِنَّهُ لَا يَرْضَى بِالزِّنَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ إلَّا فُسَّاقُهُمْ، وَلَا فَرْقَ فِي هَذَا بَيْنَ الْعَرَبِ وَغَيْرِهِمْ أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ.

(إنْ لَمْ يَكُنْ) الْجِنْسُ الْمَنْسُوبُ لِغَيْرِهِ (مِنْ الْعَرَبِ) كَمَا تَقَدَّمَ فَإِنْ كَانَ مِنْ الْعَرَبِ فَعَلَى الْقَائِلِ الْحَدُّ كَمَا تَقَدَّمَ (أَوْ قَالَ مَوْلًى) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَاللَّامِ بَيْنَهُمَا وَاوٌ سَاكِنَةٌ، أَيْ عَتِيقٌ (لِغَيْرِهِ) أَيْ حُرٍّ أَصْلِيٍّ (أَنَا خَيْرٌ مِنْك) فَلَا يُحَدُّ لِأَنَّ وُجُوهَ الْخَيْرِيَّةِ كَثِيرَةٌ مِنْ الدِّينِ وَالْخُلُقِ وَالْخَلْقِ. ابْنُ عَرَفَةَ فِي زَاهِي ابْنِ شَعْبَانَ لَوْ قَالَ مَوْلًى لِعَرَبِيٍّ أَنَا خَيْرٌ مِنْك حُدَّ وَقَالَهُ الزُّهْرِيُّ، وَكَذَا لَوْ كَانَا ابْنَيْ عَمٍّ قَالَهُ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ، وَفِي هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ اخْتِلَافٌ، وَبِهَذَا أَقُولُ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ الْأَقْرَبُ خِلَافُهُ لِأَنَّ الْخَيْرِيَّةَ تَكُونُ فِي الدِّينِ أَوْ الْخُلُقِ أَوْ الْمَجْمُوعِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَدُلَّ الْبِسَاطُ عَلَى إرَادَةِ النَّسَبِ.

(أَوْ) قَالَ الْمُكَلَّفُ لِشَخْصٍ (مَا لَك أَصْلٌ وَلَا فَصْلٌ) فَلَا يُحَدُّ وَلَوْ فِي مُشَاتَمَةٍ لِأَنَّهُ لِذَمِّ الْأَفْعَالِ لَا لِقَطْعِ النَّسَبِ، وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ يُحَدُّ فِي الْمُشَاتَمَةِ. ابْنُ عَرَفَةَ الْبَاجِيَّ مَنْ قَالَ لِرَجُلٍ لَيْسَ لَك أَصْلٌ وَلَا فَصْلٌ فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ وَالْعُتْبِيَّةِ لَا يُحَدُّ. وَقَالَ أَصْبَغُ يُحَدُّ.

وَقِيلَ إنْ كَانَ مِنْ الْعَرَبِ فَفِيهِ الْحَدُّ وَلِابْنِ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ إنْ قَالَهُ فِي مُشَاتَمَةٍ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ الْعَرَبِ فَفِيهِ أَدَبٌ خَفِيفٌ مَعَ السَّجْنِ، وَإِنْ قَالَهُ لِعَرَبِيٍّ يُحَدُّ إلَّا أَنْ يُعْذَرَ بِجَهْلٍ فَيَحْلِفُ مَا أَرَادَ قَطْعَ نَسَبِهِ وَعَلَيْهِ وَعَلَى مَنْ قَالَهُ لِغَيْرِ عَرَبِيٍّ الْأَدَبُ وَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ يُحَدُّ.

(أَوْ قَالَ) الْمُكَلَّفُ (لِجَمَاعَةٍ) مُسْلِمِينَ أَحْرَارٍ بَالِغِينَ عَفِيفَيْنِ عَمَّا يُوجِبُ الْحَدَّ ذَوِي آلَاتِ

<<  <  ج: ص:  >  >>