للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْقِيَامُ بِهِ: وَإِنْ عَلِمَهُ مِنْ نَفْسِهِ: كَوَارِثِهِ، وَإِنْ بَعْدَ مَوْتِهِ

ــ

[منح الجليل]

الْمُنْقَلِبَةَ وَالْمُتَعَلِّقَ بِهَا حَقٌّ لِغَيْرِهِ، فَمَشَى هُنَاكَ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ، وَمَشَى هُنَا عَلَى الْقَوْلِ الضَّعِيفِ، وَقَدْ اسْتَثْنَى ابْنُ رُشْدٍ أَيْضًا الْمُنْقَلِبَةَ وَالْمُتَعَلِّقَ بِهَا حَقٌّ لِلْغَيْرِ وَأَخْرَجَهُمَا مِنْ الْخِلَافِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(وَلِ) لِشَخْصِ (الْمَقْذُوفِ الْقِيَامُ بِهِ) أَيْ حَدِّ قَاذِفِهِ إنْ عَلِمَ بَرَاءَةَ نَفْسِهِ مِمَّا قَذَفَهُ بِهِ، بَلْ (وَإِنْ عَلِمَهُ) أَيْ الْمَقْذُوفُ الْمَقْذُوفَ بِهِ حَصَلَ (مِنْ نَفْسِهِ) لِأَنَّ الْقَاذِفَ أَفْسَدَ عِرْضَهُ وَكَشَفَ سِتْرَهُ وَلَيْسَ لِقَاذِفِهِ تَحْلِيفُهُ أَنَّهُ مَا صَدَرَ مِنْهُ مَا قَذَفَهُ بِهِ. قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَمَنْ قَذَفَ رَجُلًا بِالزِّنَا فَعَلَيْهِ الْحَدُّ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُحَلِّفَ الْمَقْذُوفَ أَنَّهُ لَيْسَ بِزَانٍ وَإِنْ عَلِمَ الْمَقْذُوفُ مِنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ قَدْ زَنَى فَحَلَالٌ لَهُ أَنْ يَحُدَّهُ. اللَّخْمِيُّ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَقُومَ بِحَقِّهِ، وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي سَمَاعِ أَبِي زَيْدٍ إذَا كَانَ الْمَقْذُوفُ يَعْلَمُ أَنَّ الْقَاذِفَ رَآهُ فَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَقُومَ بِهِ، وَقَوْلُ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ أَحْسَنُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ} [النور: ٤] ، وَهَذَا لَيْسَ بِمُحْصَنٍ.

وَشَبَّهَ فِي اسْتِحْقَاقِ الْقِيَامِ بِحَدِّ الْقَاذِفِ فَقَالَ (كَوَارِثِهِ) أَيْ الْمَقْذُوفِ الَّذِي مَاتَ قَبْلَ حَدِّ قَاذِفِهِ بِلَا عَفْوٍ عَنْهُ وَلَا إيصَاءٍ بِالْقِيَامِ بِهِ لِغَيْرِهِ فَلَهُ الْقِيَامُ بِهِ، وَلَوْ مَنَعَهُ مِنْ الْإِرْثِ مَانِعٌ كَرِقٍّ وَقَتْلٍ وَكُفْرٍ، هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ إنْ كَانَ قَذَفَهُ فِي حَيَاتِهِ، بَلْ (وَإِنْ قَذَفَهُ بَعْدَ الْمَوْتِ) فَلِوَارِثِهِ الْقِيَامُ بِحَدِّهِ لِلُحُوقِ الْمَعَرَّةِ لَهُ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا مَنْ قَذَفَ مَيِّتًا فَلِوَلَدِهِ وَإِنْ سَفَلَ، وَلِأَبِيهِ وَإِنْ عَلَا الْقِيَامُ بِذَلِكَ، وَالْأَبْعَدُ كَالْأَقْرَبِ، وَلَيْسَ لِلْإِخْوَةِ وَسَائِرِ الْعَصَبَةِ مَعَ هَؤُلَاءِ قِيَامٌ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْ هَؤُلَاءِ فَلِلْعَصَبَةِ الْقِيَامُ وَلِلْأَخَوَاتِ وَالْجَدَّاتِ الْقِيَامُ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ، وَإِنْ مَاتَ وَلَا وَارِثَ لَهُ وَأَوْصَى بِالْقِيَامِ بِقَذْفِهِ فَلِوَصِيِّهِ الْقِيَامُ بِهِ.

اللَّخْمِيُّ إنْ مَاتَ الْمَقْذُوفُ وَقَدْ عَفَا فَلَا قِيَامَ لِوَارِثِهِ، وَإِنْ أَوْصَى بِالْقِيَامِ بِهِ لَمْ يَكُنْ لِوَارِثِهِ عَفْوٌ، فَإِنْ لَمْ يَعْفُ وَلَمْ يُوصِ فَالْحَقُّ لِوَارِثِهِ الْعَاصِبِ مَنْ انْفَرَدَ بِهِ مِنْ عَاصِبٍ فَلَهُ الْقِيَامُ بِهِ، ثُمَّ ذَكَرَ لَفْظَهَا الْمُتَقَدِّمَ ثُمَّ قَالَ فَأَدْخَلَ النِّسَاءَ وَالْعَصَبَةَ فِي الْقِيَامِ. وَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ أَمَّا الْإِخْوَةُ وَالْبِنْتُ وَالْجَدَّاتُ وَغَيْرُ أَبٍ وَابْنٍ فَلَا قِيَامَ لَهُ إلَّا أَنْ يُوصِيَهُ فَأَسْقَطَ الْإِخْوَةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>