للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[منح الجليل]

ابْنُ مَرْزُوقٍ هَذَا بَعِيدٌ وَلَا سِيَّمَا فِي الزَّمَانِ، فَلَعَلَّ الْمُرَادَ يَتَعَذَّرُ مَعَهُ وُجُودُ الْمُغِيثِ وَهُوَ مَوْجُودٌ مَعَ الْغَاصِبِ إلَّا أَنَّهُ عَاجِزٌ، وَقَدْ يُقَالُ الْعَاجِزُ لَيْسَ مُغِيثًا، فَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْمُحَارِبَ شَأْنُهُ تَعَذَّرَ الْمُغِيثُ مِنْهُ وَإِنْ اتَّفَقَ نَادِرًا وَالْغَاصِبُ شَأْنُهُ تَيَسَّرَ الْمُغِيثُ مِنْهُ، وَإِنْ اتَّفَقَ تَعَذُّرُهُ نَادِرًا أَيْضًا وَالنَّادِرُ لَا حُكْمَ لَهُ.

(تَنْبِيهَاتٌ) : الْأَوَّلُ: ظَاهِرُ قَوْلِهِ قَاطِعُ الطَّرِيقِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قَطْعِهَا بِالْفِعْلِ، فَمَنْ أَخَذَ بِفَوْرِ خُرُوجِهِ قَبْلَ قَطْعِهَا بِالْفِعْلِ لَيْسَ مُحَارِبًا. اللَّخْمِيُّ إنْ لَمْ يُخِفْ السَّبِيلَ وَأَخَذَ بِإِثْرِ خُرُوجِهِ يُعَاقَبُ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ إلَّا النِّيَّةُ فَلَا يَجْرِي عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ أَحْكَامِ الْمُحَارِبِ. فِي التَّوْضِيحِ هَذَا ظَاهِرٌ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى، لَكِنَّ النَّصَّ بِخِلَافِهِ فَفِيهَا عَلَى اخْتِصَارِ ابْنِ يُونُسَ وَكَذَلِكَ إنْ لَمْ يُخِفْ وَأَخَذَ مَكَانَهُ قَبْلَ أَنْ يَتَفَاقَمَ أَمْرُهُ أَوْ خَرَجَ بِعَصًا وَأَخَذَ مَكَانَهُ فَهُوَ مُخَيَّرٌ فِيهِ، وَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ فِي هَذَا بِأَيْسَرِ الْحُكْمِ مِنْ النَّفْيِ وَالضَّرْبِ وَالسِّجْنِ. أَبُو الْحَسَنِ ظَاهِرُهَا أَنَّهُ مُخَيَّرٌ فِيمَنْ أُخِذَ بِالْحَضْرَةِ وَإِنْ لَمْ تَحْصُلْ مِنْهُ الْإِخَافَةُ، وَقَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ لَا يَجُوزُ قَتْلُهُ، وَكَذَا قَالَ اللَّخْمِيُّ.

الثَّانِي: ابْنُ عَرَفَةَ الْحِرَابَةُ الْخُرُوجُ لِإِخَافَةِ السَّبِيلِ بِأَخْذِ مَالٍ مُحْتَرَمٍ بِمُكَابَرَةِ قِتَالٍ أَوْ خَوْفِهِ أَوْ إذْهَابِ عَقْلٍ أَوْ قَتْلٍ خُفْيَةً أَوْ لِمُجَرَّدِ قَطْعِ الطَّرِيقِ وَلَا لِإِمَارَةٍ وَلَا نَائِرَةَ وَلَا عَدَاوَةَ فَيَدْخُلُ قَوْلُهَا وَالْخَنَّاقُونَ الَّذِينَ يَسْقُونَ النَّاسَ السَّيْكَرَانَ لِيَأْخُذُوا أَمْوَالَهُمْ مُحَارِبُونَ. الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ " أَوْ إذْهَابِ عَقْلٍ " يَتَعَيَّنُ جَرُّهُ عَطْفًا عَلَى مُكَابَرَةٍ لِأَنَّهُ لَوْ رُفِعَ عَطْفًا عَلَى الْخُرُوجِ اقْتَضَى أَنَّ إذْهَابَ الْعَقْلِ بِمُجَرَّدِهِ حِرَابَةٌ إنْ لَمْ يَكُنْ لِأَخْذِ مَالٍ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَلَكِنْ يُرَدُّ عَلَى التَّعْرِيفِ أَنَّهُ لَا يَشْمَلُ مَنْ قَاتَلَ لِأَخْذِ الْمَالِ بِلَا قَطْعِ طَرِيقٍ أَوْ دَخَلَ دَارًا أَوْ زُقَاقًا وَقَاتَلَ لِيَأْخُذَ الْمَالَ وَمُسْقِي السَّيْكَرَانِ وَمُخَادِعِ صَبِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ لِيَأْخُذَ مَا مَعَهُ فَهُوَ غَيْرُ جَامِعٍ.

الثَّالِثُ: ابْنُ عَرَفَةَ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ مَنْ خَرَجَ لِقَطْعِ السَّبِيلِ لِغَيْرِ مَالٍ فَهُوَ مُحَارِبٌ، كَقَوْلِهِ لَا أَدَعُ هَؤُلَاءِ يَخْرُجُونَ إلَى الشَّامِ أَوْ إلَى مِصْرَ أَوْ إلَى مَكَّةَ، وَكَذَلِكَ مَنْ حَمَلَ السِّلَاحَ عَلَى النَّاسِ وَأَخَافَهُمْ مِنْ غَيْرِ عَدَاوَةٍ وَلَا نَائِرَةٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>