وَإِنْ انْفَرَدَ بِمَدِينَةِ:
ــ
[منح الجليل]
وَالرَّابِعُ: اُخْتُلِفَ فِي سَبَبِ نُزُولِ قَوْله تَعَالَى {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا} [المائدة: ٣٣] فَقِيلَ نَزَلَتْ فِي الْمُشْرِكِينَ الْحَرْبِيِّينَ، وَقِيلَ فِي قَوْمٍ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ نَقَضُوا عَهْدًا كَانَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقِيلَ فِي الْعُرَنِيِّينَ الَّذِينَ ارْتَدُّوا وَقَتَلُوا الرَّاعِيَ وَاسْتَاقُوا الْإِبِلَ، وَقِيلَ فِي قُطَّاعِ الطَّرِيقِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، وَهَذَا قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ مِنْ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - وَعَلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ وَهُوَ الصَّحِيحُ الْمُسْتَحْسَنُ لِاتِّفَاقِ الْكُلِّ عَلَى أَنَّ حُكْمَ الْمُرْتَدِّ وَالْكَافِرِ الْقَتْلُ لَا الْقَطْعُ وَلَا النَّفْيُ. وَعَلَى أَنَّ النَّاقِضَ لِلْعَهْدِ لَيْسَ حُكْمُهُ الْقَطْعَ إلَخْ، وَقَاطِعُ الطَّرِيقِ لِمَنْعِ سُلُوكٍ إلَخْ، مُحَارِبٌ إنْ تَعَدَّدَ، بَلْ (وَإِنْ انْفَرَدَ) ابْنُ عَرَفَةَ الشَّيْخُ عَنْ الْمَوَّازِ قَدْ يَكُونُ الْمُحَارِبُ وَاحِدًا هَذَا إذَا كَانَ قَاطِعُ الطَّرِيقِ بِفَلَاةٍ، بَلْ وَإِنْ كَانَ (بِمَدِينَةٍ) ابْنُ الْمَوَّازِ اُخْتُلِفَ فِي الْمُحَارِبِ فِي مَدِينَةٍ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ هُوَ مُحَارِبٌ وَلِعَبْدِ الْمَلِكِ فِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ لَا يَكُونُونَ مُحَارِبِينَ فِي قَرْيَةٍ إذَا كَانُوا مُخْتَفِينَ لَا يُفْسِدُونَ إلَّا الْوَاحِدَ وَالْمُسْتَضْعَفَ إلَّا أَنْ يَكُونُوا جَمَاعَةً يُرِيدُونَ الْقَرْيَةَ كُلَّهَا مُكَابِرِينَ مُعْلِنِينَ فَهُمْ كَاللُّصُوصِ الَّذِينَ يَقْتَحِمُونَ الْقُرَى. زَادَ الشَّيْخُ وَخَالَفَهُ سَحْنُونٌ وَقَالَ هُمْ سَوَاءٌ. الْبُنَانِيُّ اسْتَظْهَرَ ابْنُ عَاشِرٍ أَنَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مُبَالَغَتَيْنِ، أَيْ وَإِنْ انْفَرَدَ وَإِنْ كَانَ بِمَدِينَةٍ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ مَنْ كَابَرَ رَجُلًا عَلَى مَالِهِ بِسِلَاحٍ أَوْ غَيْرِهِ فِي زُقَاقٍ أَوْ دَخَلَ عَلَى حَرِيمِهِ فِي الْمِصْرِ يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِحُكْمِ الْحِرَابَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute