وَإِنْ خُولِفَا
وَجَازَ لِإِكْرَاهٍ، وَإِسَاغَةٍ
لَا دَوَاءٍ، وَلَوْ طِلَاءً،
ــ
[منح الجليل]
فَقَالَ بَعْضُهُمْ هِيَ رَائِحَةُ مُسْكِرٍ، وَقَالَ غَيْرُهُ هِيَ رَائِحَةُ غَيْرِ مُسْكِرٍ فَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إنْ اجْتَمَعَ مِنْهُمْ اثْنَانِ عَلَى أَنَّهَا رَائِحَةُ مُسْكِرٍ حُدَّ، وَإِنْ شَكَّ الشُّهُودُ فِي الرَّائِحَةِ فَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ السَّفَهِ نُكِّلَ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْعَدْلِ خَلَّى سَبِيلَهُ سَمِعَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ. وَالْمَوَّازِيَّةِ. قُلْت لِلشَّيْخِ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ يُخْتَبَرُ بِقِرَاءَةٍ الَّتِي لَا شَكَّ فِي مَعْرِفَتِهِ بِهَا مِنْ السُّوَرِ الْقِصَارِ فَذَلِكَ مُسْتَحْسِنٌ عِنْدَ الْإِشْكَالِ، فَإِنْ لَمْ يَقْرَأْ وَاخْتَلَطَ فَقَدْ شَرِبَ مُسْكِرًا فَيُحَدُّ، وَسَمِعَ أَصْبَغُ ابْنَ الْقَاسِمِ إنْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ شَرِبَ خَمْرًا وَآخَرُ أَنَّهُ شَرِبَ مُسْكِرًا حُدَّ، وَلَوْ شَهِدَ أَنَّهُ قَاءَ خَمْرًا حُدَّ وَقَالَهُ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -.
(وَجَازَ) شُرْبُ الْمُسْكِرِ (لِإِكْرَاهٍ) عَلَيْهِ بِخَوْفِ قَتْلٍ أَوْ قَطْعٍ أَوْ ضَرْبٍ أَوْ حَبْسٍ أَوْ قَيْدٍ أَيْ انْتَفَتْ حُرْمَتُهُ، لِأَنَّ الْمُكْرَهَ غَيْرُ مُكَلَّفٍ كَالْمَجْنُونِ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِفِعْلِهِ جَوَازٌ وَلَا غَيْرُهُ مِنْ الْأَحْكَامِ التَّكْلِيفِيَّةِ. ابْنُ عَرَفَةَ لَا يُحَدُّ الْمُكْرَهُ لِوُضُوحِ الشُّبْهَةِ أَوْ تَكْلِيفِهِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ لِعُمُومِ اعْتِبَارِهِ فِي الطَّلَاقِ وَنَحْوِهِ.
(وَ) جَازَ (لِإِسَاغَةِ) الْغُصَّةِ أَيْقَنَ الْمَوْتَ بِهَا صَوْنًا لِحَيَاةِ النَّفْسِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَلَا يُحَدُّ الْمُضْطَرُّ لِلْإِسَاغَةِ لِوُضُوحِ الشُّبْهَةِ. الشَّيْخُ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي الْمُخْتَصَرِ لَا يَشْرَبُ الْمُضْطَرُّ الْخَمْرَ. الْبَاجِيَّ فِي النَّوَادِرِ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ مَنْ غَصَّ بِطَعَامٍ وَخَافَ عَلَى نَفْسِهِ إنْ لَمْ يُجَوِّزْهُ فَلَهُ أَنْ يُجَوِّزَهُ بِالْخَمْرِ، وَقَالَهُ أَبُو الْفَرَجِ. وَلِأَصْبَغَ ابْنِ الْقَاسِمِ يَشْرَبُ الْمُضْطَرُّ الدَّمَ وَلَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ وَسَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ مَنْ اُضْطُرَّ إلَى شُرْبِ الْخَمْرِ لَا يَشْرَبُهَا لَا تَزِيدُهُ إلَّا شَرًّا. ابْنُ رُشْدٍ تَعْلِيلُهُ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ فِي شُرْبِهَا مَنْفَعَةٌ جَازَ لَهُ شُرْبُهَا، وَاسْتَدَلَّ مُحَمَّدٌ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ عَلَى أَنَّ هَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " بِهَذَا التَّعْلِيلِ، وَاحْتَجَّ بِأَنَّ مَنْ غَصَّ بِلُقْمَةٍ فَخَشِيَ الْمَوْتَ وَلَمْ يَجِدْ مَا يُسِيغُهَا بِهِ إلَّا الْخَمْرَ فَإِنَّهُ جَائِزٌ لَهُ وَظَاهِرُ قَوْلِ أَصْبَغَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ.
(لَا) يَجُوزُ الْمُسْكِرُ ل (دَوَاءٍ) إنْ كَانَ بِأَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ، بَلْ (وَلَوْ) كَانَ (طِلَاءً) بِكَسْرِ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ مَمْدُودًا أَيْ دِهَانًا عَلَى ظَاهِرِ الْجَسَدِ عَلَى الْمَشْهُورِ عِنْدَ ابْنِ شَاسٍ وَالْأَصَحُّ عِنْدَ ابْنِ الْحَاجِبِ سَمِعَ أَشْهَبُ التَّدَاوِي فِي الْقُرْحَةِ بِالْبَوْلِ أَخَفُّ مِنْ التَّدَاوِي فِيهَا بِالْخَمْرِ. ابْنُ رُشْدٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute