كَطَبِيبٍ جَهِلَ، أَوْ قَصَّرَ، أَوْ بِلَا إذْنٍ مُعْتَبَرٍ، وَلَوْ إذْنَ عَبْدٍ بِفَصْدٍ أَوْ حِجَامَةٍ، أَوْ خِتَانٍ؛
ــ
[منح الجليل]
التَّعْزِيرِ بِمَا يُؤَدِّي إلَيْهِ عَلَى أَنَّ الضَّرْبَ الْمُنْتَهِي لِلْمَوْتِ قَتْلٌ، وَقَدْ قَالُوا لَا يَنْتَهِي الْإِمَامُ فِي التَّأْدِيبِ لِلْقَتْلِ، وَأَيْضًا فَقَدْ تَقَدَّمَ نَقْلُ ابْنِ عَرَفَةَ عَنْ الشَّيْخِ عَنْ الْمَجْمُوعَةِ قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مُعَلِّمُ الْكِتَابِ وَالصَّنْعَةِ إنْ ضَرَبَ صَبِيًّا مَا يَعْلَمُ الْأَمْنَ فِيهِ لِأَدَبِهِ فَمَاتَ فَلَا يَضْمَنُ، وَإِنْ جَاوَزَ بِهِ الْأَدَبَ ضَمِنَ مَا أَصَابَهُ، وَهَذَا نَصٌّ فِي اشْتِرَاطِ عِلْمِ السَّلَامَةِ فِي جَوَازِ الْقُدُومِ عَلَى التَّأْدِيبِ، وَقَدْ نَقَلَهُ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَغَيْرُهُمَا، وَهَذَا سَلَفُ دَاوُد وتت وَمَنْ وَافَقَهُمَا، وَجَوَابُهُمْ عَنْ اسْتِشْكَالِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ صَحِيحٌ لَا شَكَّ فِيهِ مُتَعَيِّنٌ لَا مَنْدُوحَةَ عَنْهُ، وَمَا حُكِيَ عَنْ الْإِمَامِ مَحْمُولٌ عَلَى ظَنِّهِ السَّلَامَةَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ مَا يَعْلَمُ الْأَمْنَ فِيهِ، وَقَوْلُ مُطَرِّفٍ وَإِنْ أَتَى عَلَى النَّفْسِ أَيْ بَعْدَ الْوُقُوعِ وَتَخَلَّفَ الظَّنُّ. وَأَمَّا الْقُدُومُ فَشَرْطُهُ ظَنُّ السَّلَامَةِ ضَرُورَةَ أَنَّ الْقَتْلَ لَيْسَ مِنْ التَّعْزِيرِ الْمَأْذُونِ فِيهِ وَأَنَّ فَاعِلَ الْمَعْصِيَةِ الَّتِي لَا تُوجِبُ الْحَدَّ لَا يَسْتَوْجِبُ الْحَدَّ فَضْلًا عَنْ الْقَتْلِ عَلَى أَنَّ اسْتِيجَابَ الْحَدِّ لَا يَسْتَلْزِمُ اسْتِيجَابَ الْقَتْلِ، بَلْ مِنْهُ مَا يَسْقُطُ بِخَوْفِ الْقَتْلِ كَحَدِّ السَّرِقَةِ وَالشُّرْبِ وَالْفِرْيَةِ وَزِنَا الْبِكْرِ فَاسْتِشْكَالُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَتَنْظِيرُ الْمُوَضِّحِ فِي شَرْطِ عِلْمِ السَّلَامَةِ وَتَعَقُّبُ طفي كُلُّ ذَلِكَ قُصُورٌ وَغَفْلَةٌ عَظِيمَةٌ عَمَّا تَقَدَّمَ وَعَمَّا هُنَا، وَالْكَمَالُ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.
وَشَبَّهَ فِي ضَمَانِ مَا سَرَى فَقَالَ (كَطَبِيبٍ جَهِلَ) قَوَاعِدَ الطِّبِّ فَدَاوَى بِغَيْرِ عِلْمٍ وَأَتْلَفَ الْمَرِيضَ بِمُدَاوَاتِهِ أَوْ أَحْدَثَ بِهِ عَيْبًا فَإِنَّهُ يَضْمَنُ (أَوْ) عَلِمَ قَوَاعِدَ التَّطْبِيبِ وَ (قَصَّرَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا فِي تَطْبِيبِهِ فَسَرَى لِلتَّلَفِ أَوْ التَّعْيِيبِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ (أَوْ) عَلِمَ وَلَمْ يُقَصِّرْ وَطَبَّبَ مَرِيضًا (بِلَا إذْنٍ) مِنْهُ فَأَتْلَفَهُ أَوْ عَيَّبَهُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ (أَوْ) طَبَّبَ بِإِذْنٍ (غَيْرِ مُعْتَبَرٍ) لِكَوْنِهِ مِنْ صَبِيٍّ أَوْ رَقِيقٍ إذَا كَانَ الْإِذْنُ فِي قَطْعِ يَدٍ مَثَلًا، بَلْ (وَلَوْ إذْنَ) مَنْ لَا يُعْتَبَرُ إذْنُهُ (بِفَصْدٍ أَوْ حِجَامَةٍ أَوْ خِتَانٍ) فَأَدَّى إلَى تَلَفٍ أَوْ عَيْبٍ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ. ابْنُ رُشْدٍ تَحْصِيلُ الْقَوْلِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إذَا عَالَجَ الْمَرِيضَ فَسَقَاهُ فَمَاتَ مِنْ سَقْيِهِ، أَوْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute