للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَتَأْجِيجِ نَارٍ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ؛

ــ

[منح الجليل]

كَوَاهُ فَمَاتَ مِنْ كيه، أَوْ قَطَعَ مِنْهُ شَيْئًا فَمَاتَ مِنْ قَطْعِهِ، أَوْ خَتَنَ الْحَجَّامُ الصَّبِيَّ فَمَاتَ مِنْ خَتْنِهِ، أَوْ قَلَعَ ضِرْسَ الرَّجُلِ فَمَاتَ مِنْهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي مَالِهِ وَلَا عَلَى عَاقِلَتِهِ إنْ لَمْ يُخْطِئَا فِي فِعْلِهِمَا إلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ تَقَدَّمَ مِنْ السُّلْطَانِ إلَى الْأَطِبَّاءِ وَالْحَجَّامِينَ أَنْ لَا يَقْدَمُوا عَلَى مَا فِيهِ غَرَرٌ إلَّا بِإِذْنِهِ فَفَعَلُوهُ بِلَا إذْنِهِ فَنَشَأَ مِنْهُ مَوْتٌ أَوْ تَلَفُ حَاسَّةٍ أَوْ عُضْوٍ فَعَلَيْهِمْ الضَّمَانُ فِي أَمْوَالِهِمْ وَقَالَ ابْنُ دَحُونٍ عَلَى الْعَاقِلَةِ إلَّا مَا دُونَ الثُّلُثِ، وَهَذَا خِلَافُ الرِّوَايَةِ.

وَإِنْ أَخْطَأَ كَأَنْ سَقَى الْمَرِيضَ مَا لَا يُوَافِقُ مَرَضَهُ فَمَاتَ أَوْ زَلَّتْ يَدُ الْخَاتِنِ أَوْ الْقَاطِعِ فَتَجَاوَزَ فِي الْقَطْعِ أَوْ الْكَاوِي فَتَجَاوَزَ فِي الْكَيِّ فَمَاتَ مِنْهُ، أَوْ قَلَعَ الْحَجَّامُ غَيْرَ مَا أَمَرَهُ بِقَلْعِهِ فَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ وَلَمْ يَغِرَّ مِنْ نَفْسِهِ فَذَلِكَ خَطَأٌ عَلَى الْعَاقِلَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَقَلَّ مِنْ الثُّلُثِ فَفِي مَالِهِ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ، وَقِيلَ عَلَى عَاقِلَتِهِ لِأَنَّهُ خَطَأٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَقَلَّ مِنْ الثُّلُثِ وَهُوَ قَوْلُ عِيسَى بْنِ دِينَارٍ وَظَاهِرُ رِوَايَةِ أَصْبَغَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَفِي الْمَجْمُوعَةِ لِلْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " إنْ أَمَرَهُ عَبْدٌ أَنْ يَخْتِنَهُ أَوْ يَحْجِمَه أَوْ يَقْطَعَ عِرْقَهُ فَفَعَلَ فَهُوَ ضَامِنٌ مَا أَصَابَ الْعَبْدَ بِذَلِكَ إنْ فَعَلَهُ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ عَلِمَ أَنَّهُ عَبْدٌ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ. ابْنُ الْحَاجِبِ مَنْ فَعَلَ فِعْلًا يَجُوزُ لَهُ مِنْ طَبِيبٍ وَشِبْهِهِ فَتَوَلَّدَ مِنْهُ الْهَلَاكُ فَإِنْ كَانَ جَاهِلًا بِهِ أَوْ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ أَوْ أَخْطَأَ فِيهِ أَوْ فِي مُجَاوِرِهِ أَوْ قَصَّرَ فَالضَّمَانُ كَالْخَطَأِ.

وَعَطَفَ عَلَى الْمُشَبَّهِ فِي الضَّمَانِ مُشَبَّهًا آخَرَ فِيهِ فَقَالَ (وَكَتَأْجِيجِ) أَيْ إيقَادِ (نَارٍ فِي يَوْمٍ) أَيْ وَقْتِ رِيحٍ (عَاصِفٍ) أَيْ شَدِيدٍ فَأَحْرَقَ شَيْئًا فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ مَنْ أَجَّجَهَا. ابْنُ عَرَفَةَ فِي حَرِيمِ الْبِئْرِ مِنْهَا مَنْ أَرْسَلَ فِي أَرْضٍ نَارًا أَوْ مَاءً فَوَصَلَ إلَى أَرْضِ جَارِهِ فَأَفْسَدَ زَرْعَهُ فَإِنْ كَانَتْ أَرْضُ جَارِهِ بَعِيدَةً يُؤْمَنُ أَنْ يَصِلَ ذَلِكَ إلَيْهَا فَتَحَامَلَتْ النَّارُ بِرِيحٍ أَوْ غَيْرِهِ فَأَحْرَقَتْهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يُؤْمَنْ وُصُولُ ذَلِكَ إلَيْهَا لِقُرْبِهَا فَهُوَ ضَامِنٌ، وَكَذَلِكَ الْمَاءُ وَمَا قَتَلَتْ النَّارُ مِنْ نَفْسٍ فَعَلَى عَاقِلَةِ مُرْسِلِهَا.

وَشَبَّهَ ابْنُ رُشْدٍ بِهَذَا مَا فِي الْعُتْبِيَّةِ فِي سَمَاعِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدِ بْنِ الْقَاسِمِ فِي رَجُلٍ طَبَخَ سُكَّرًا

<<  <  ج: ص:  >  >>