وَكَسُقُوطِ جِدَارٍ مَالٍ، وَأُنْذِرَ صَاحِبُهُ،
ــ
[منح الجليل]
فِي قِدْرٍ سَتَرَهَا عَنْ أَعْيُنِ النَّاسِ بِقَصَبٍ وَكَانَ صَبِيٌّ نَائِمًا خَلْفَ الْقَصَبِ لَا عِلْمَ لِلطَّابِخِ بِهِ فَفَارَتْ الْقَدْرُ بِمَا فِيهَا فَأَصَابَ الصَّبِيَّ مَا خَرَجَ مِنْهَا فَمَاتَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. الصِّقِلِّيُّ عَنْ سَحْنُونٍ مَا قَتَلَتْهُ النَّارُ يُنْظَرُ فِيهِ مَنْ يَجُوزُ لَهُ إيقَادُهَا وَمَنْ لَا يَجُوزُ لَهُ. قُلْت يُرِيدُ سُقُوطَ الدِّيَةِ عَنْ عَاقِلَةِ الْأَوَّلِ وَثُبُوتِهَا عَلَى عَاقِلَةِ الثَّانِي. أَشْهَبُ إنْ تَخَاوَفُوا عَلَى زُرُوعِهِمْ فَقَامُوا لِرَدِّهَا فَأَحْرَقَتْهُمْ فَهَدَرٌ لَا دِيَةَ لَهُمْ عَلَى عَاقِلَةٍ وَلَا عَلَى غَيْرِهَا. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ سُئِلَ ابْنُ كِنَانَةَ عَمَّنْ أَشْعَلَ نَارًا فِي حَائِطٍ فَعَدَتْ عَلَى غَيْرِهِ فَأَحْرَقَتْهُ مِنْ زَرْعٍ أَوْ حَائِطٍ أَوْ مَسْكَنٍ أَوْ غَيْرِهَا فَقَالَ عَلَيْهِ غُرْمُ مَا أَشْعَلَ فِيهِ لَا مَا عَدَتْ عَلَيْهِ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ يُقَوَّمُ مِنْهُ خِلَافُ مَا فِي هَذَا الْأَصْلِ، وَيُرَدُّ بِأَنَّ عَدَمَ ضَمَانِهِ فِي مَسْأَلَةِ ابْنِ كِنَانَةَ إنَّمَا هُوَ فِيمَا لَمْ يَقْصِدْهُ الْمُتَعَدِّي، وَالضَّمَانُ فِي مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ إنَّمَا هُوَ فِيمَا قَصَدَهُ حَيْثُ أَوْقَدَ النَّارَ حِينَ هُبُوبِ الرِّيحِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ الضَّمَانِ فِيمَا لَمْ يَقْصِدْهُ عَدَمُهُ فِيمَا قَصَدَهُ، وَجَوَابُ ابْنِ كِنَانَةَ هُوَ مُقْتَضَى نَقْلِ اللَّخْمِيِّ الْمَذْهَبَ خِلَافَ مُقْتَضَى نَقْلِ أَبِي حَفْصٍ عَنْهُ، فَفِي كِتَابِ الدُّورِ مِنْهَا أَنَّ شَرْطَ رَبِّ الدَّارِ عَلَى مُكْتَرِيهَا أَنْ لَا يُوقِدَ فِيهَا نَارًا فَأَوْقَدَ الْمُكْتَرِي فِيهَا نَارًا لِخُبْزِهِ فَأَحْرَقَتْ الدَّارَ ضَمِنَ.
اللَّخْمِيُّ إنْ أَحْرَقَتْ الدَّارَ وَغَيْرَهَا ضَمِنَ الدَّارَ الْمُكْتَرَاةَ فَقَطْ إنْ كَانَ الْإِيقَادُ بِصِفَةِ لَوْ أَذِنَ رَبُّ الدَّارِ فِيهِ لَمْ يَكُنْ لِمَنْ يَلِيهِ فِيهِ مَقَالٌ. وَإِنْ كَانَ بِصِفَةٍ يَكُونُ لِجَارِهِ مَنْعُهُ ضَمِنَ جَمِيعَ مَا احْتَرَقَ. بَعْضُ شُيُوخِ عَبْدِ الْحَقِّ الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ قَوْلِهَا إنْ أَحْرَقَتْ فُرْنُهُ دُورَ جِيرَانِهِ فَهُوَ غَيْرُ ضَامِنٍ أَنَّ هَذَا فَعَلَ مَا لَا يَجُوزُ لَهُ، فَإِنْ كَانَ مِمَّا يَجُوزُ لَهُ لَوْلَا الشَّرْطُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ كَقَوْلِهِ فِيمَنْ حَفَرَ بِئْرًا فِي دَارِهِ لِسَارِقٍ أَنَّهُ يَضْمَنُ مَا يَسْقُطُ فِيهَا مِنْ سَارِقٍ وَغَيْرِهِ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ، وَمِثْلُهُ نَقْلُ أَبُو حَفْصِ بْنُ الْعَطَّارِ.
وَعَطَفَ عَلَى الْمُشَبَّهِ فِي الضَّمَانِ مُشَبَّهًا آخَرَ فِيهِ أَيْضًا فَقَالَ (وَكَسُقُوطِ جِدَارٍ) أَيْ حَائِطٍ عَلَى نَفْسٍ أَوْ مَالٍ فَأَتْلَفَهُ (مَالَ) أَيْ حَدَثَ مَيَلَانُهُ مَيَلَانًا غَيْرَ ظَاهِرٍ بَعْدَ بِنَائِهِ مُسْتَقِيمًا فَإِنْ كَانَ بَنَاهُ مَائِلًا فَسَقَطَ عَلَى شَيْءٍ فَأَتْلَفَهُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ مُطْلَقًا (وَأُنْذِرَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ أُعْلِمَ بِمَيَلَانِهِ وَطُلِبَ بِإِصْلَاحِهِ (صَاحِبُهُ) وَأُشْهِدَ عَلَيْهِ عِنْدَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute