بَعْدَ الْإِنْذَارِ لِلْفَاهِمِ، وَإِنْ عَنْ مَالٍ وَقَصْدُ قَتْلِهِ، إنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَنْدَفِعُ إلَّا بِهِ.
لَا جُرْحٌ، إنْ قَدَرَ عَلَى الْهَرَبِ مِنْهُ،
ــ
[منح الجليل]
مُقْبِلٍ عَلَى شَخْصٍ لِقَتْلِهِ أَوْ أَخْذِ حَرِيمِهِ أَوْ مَالَهُ (بَعْدَ الْإِنْذَارِ) أَيْ الْإِعْلَامِ بِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَنْدَفِعْ عَنْهُ يُقَاتِلُهُ (لِلْفَاهِمِ) لِلْخِطَابِ لَا لِمَجْنُونٍ وَبَهِيمٍ إنْ كَانَ الدَّفْعُ عَنْ نَفْسٍ أَوْ حَرِيمٍ، بَلْ (وَإِنْ عَنْ مَالٍ) وَيَدْفَعُهُ بِغَيْرِ قَتْلِهِ وَلَا يَقْصِدُ قَتْلَهُ، فَإِنْ أَدَّى دَفْعَهُ إلَى قَتْلِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَى الدَّافِعِ (وَ) جَازَ لِلدَّافِعِ (قَصْدُ قَتْلِهِ) أَيْ الصَّائِلِ أَوَّلًا (إنْ عَلِمَ) الدَّافِعُ (أَنَّهُ) أَيْ الصَّائِلَ (لَا يَنْدَفِعُ) عَنْهُ (إلَّا بِهِ) أَيْ قَتْلِهِ، قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ، وَنَصُّهُ لَا يَقْصِدُ الْمَصُولُ عَلَيْهِ الْقَتْلَ إنَّمَا يَنْبَغِي أَنْ يَقْصِدَ الدَّفْعَ، فَإِنْ أَدَّى إلَى الْقَتْلِ فَذَلِكَ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ لَا يَنْدَفِعُ إلَّا بِقَتْلِهِ فَجَائِزٌ قَصْدَ قَتْلِهِ ابْتِدَاءً. ابْنُ يُونُسَ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ وَغَيْرِهِ فِي الْجَمَلِ إذَا صَالَ عَلَى الرَّجُلِ فَخَافَهُ عَلَى نَفْسِهِ فَقَتَلَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ صَالَ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ ضَمِنَ. وَلِعِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ إنْ قَتَلَ رَجُلٌ الْجَمَلَ الصَّئُولَ بَعْدَ التَّقَدُّمِ لِرَبِّهِ وَذَكَرَ أَنَّهُ أَرَادَهُ وَصَالَ عَلَيْهِ فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ، وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ يُرِيدُ يَمِينَهُ مِنْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ إذَا كَانَ بِوَضْعٍ لَيْسَ يَحْضُرُهُ النَّاسُ اهـ.
(تَنْبِيهٌ)
فَسَّرْت الْجَوَازَ بِعَدَمِ الِامْتِنَاعِ لِيَشْمَلَ الْوُجُوبَ لِأَنَّ دَفْعَ الصَّائِلِ عَلَى النَّفْسِ وَالْبُضْعِ وَاجِبٌ فِي التَّوْضِيحِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْقَتْلُ هُنَا وَاجِبًا لِأَنَّ بِهِ يُتَوَصَّلُ إلَى إحْيَاءِ نَفْسِهِ لَا سِيَّمَا إنْ كَانَ الصَّائِلُ غَيْرَ آدَمِيٍّ. اهـ. وَذَكَرَ ابْنُ الْفَرَسِ وَالْقُرْطُبِيُّ قَوْلَيْنِ فِي الْوُجُوبِ قَالَا وَالْأَصَحُّ الْوُجُوبُ. ابْنُ الْعَرَبِيِّ الْمَدْفُوعُ عَنْهُ كُلُّ مَعْصُومٍ مِنْ نَفْسٍ وَبُضْعٍ وَمَالٍ وَأَعْظَمُهَا حُرْمَةُ النَّفْسِ وَأَمْرُهُ بِيَدِهِ إنْ شَاءَ أَسْلَمَ نَفْسَهُ أَوْ دَفَعَ عَنْهَا، لَكِنْ إنْ كَانَ زَمَنَ فِتْنَةٍ فَالصَّبْرُ أَوْلَى، وَإِنْ قَصَدَهُ وَحْدَهُ فَالْأَمْرَانِ سَوَاءٌ، وَنَقَلَهُ ابْنُ شَاسٍ وَالْقَرَافِيُّ. قَالَ وَالسَّاكِتُ عَنْ الدَّفْعِ عَنْ نَفْسِهِ حَتَّى يُقْتَلَ لَا يُعَدُّ آثِمًا وَلَا قَاتِلًا لِنَفْسِهِ.
(لَا) يَجُوزُ (جُرْحٌ) مِنْ الْمَصُولِ عَلَيْهِ لِلصَّائِلِ (إنْ قَدَرَ) الْمَصُولُ عَلَيْهِ (عَلَى الْهَرَبِ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute