كَسُقُوطِ مِيزَابٍ أَوْ بَغْتِ رِيحٍ لِنَارٍ: كَحَرْقِهَا قَائِمًا لِطَفْئِهَا
وَجَازَ دَفْعُ صَائِلٍ
ــ
[منح الجليل]
ذَلِكَ غَيْرَ قَاصِدٍ فَقْءَ عَيْنِهِ فَانْفَقَأَتْ عَيْنُهُ خَطَأً فَالْجُنَاحُ مُنْتَفٍ، وَهُوَ الَّذِي نُفِيَ فِي الْحَدِيثِ.
وَأَمَّا الدِّيَةُ فَلَا ذِكْرَ لَهَا فِيهِ. اهـ. وَنَحْوُهُ لِلْقُرْطُبِيِّ، فَدَلَّ هَذَا عَلَى أَنَّ الْقَائِلِينَ بِالضَّمَانِ يَقُولُونَ سَوَاءً قَصَدَ فَقْءَ عَيْنِهِ أَوْ لَا إلَّا أَنَّهُ إنْ لَمْ يَقْصِدْ فَقْءَ عَيْنِهِ فَفِعْلُهُ جَائِزٌ، وَإِنَّمَا يَضْمَنُ الدِّيَةَ.
وَإِنْ قَصَدَ فَقْءَ عَيْنِهِ فَلَا يَجُوزُ وَيَضْمَنُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَضْمَنُ الْقَوَدَ وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ شَاسٍ وَالْقَرَافِيُّ وَابْنُ الْحَاجِبِ، فَفِي الْجَوَاهِرِ وَلَوْ نَظَرَ إلَى حَرِيمِ إنْسَانٍ مِنْ كَوَّةٍ أَوْ صِيرِ بَابٍ فَلَا يَجُوزُ لَهُ قَصْدُ عَيْنِهِ بِمِدْرَاةٍ أَوْ غَيْرِهَا، وَفِيهِ الْقَوَدُ إنْ فَعَلَ، وَيَجِبُ تَقْدِيمُ الْإِنْذَارِ فِي كُلِّ دَفْعٍ، وَإِنْ كَانَ الْبَابُ مَفْتُوحًا فَأَوْلَى أَنْ لَا يَجُوزَ قَصْدُ عَيْنِهِ. اهـ. وَنَحْوُهُ فِي الذَّخِيرَةِ، وَعَلَى هَذَا فَالضَّمَانُ الَّذِي أَثْبَتَهُ الْمُصَنِّفُ أَوَّلًا بِقَوْلِهِ أَوْ نَظَرَ مِنْ كَوَّةٍ فَقَصَدَ عَيْنَهُ هُوَ الْقَوَدُ، وَاَلَّذِي نُفِيَ بِقَوْلِهِ وَإِلَّا فَلَا هُوَ الْقَوَدُ أَيْضًا دُونَ الدِّيَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَالصِّيرُ بِكَسْرِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ شَقُّ الْبَابِ قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ.
وَشَبَّهَ فِي نَفْيِ الضَّمَانِ فِي الْجُمْلَةِ لِأَنَّ الْمَنْفِيَّ فِي الْمُشَبَّهِ بِهِ ضَمَانُ الْقَوَدِ فَقَطْ، وَأَمَّا ضَمَانُ الدِّيَةِ فَهُوَ ثَابِتٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا عَلِمْت، وَالنَّفْيُ فِي الْمُشَبَّهِ ضَمَانُ الْقَوَدِ وَالدِّيَةِ مَعًا فَقَالَ (كَسُقُوطِ مِيزَابٍ) مِنْ بَيْتٍ عَلَى نَفْسٍ أَوْ مَالٍ فَأَتْلَفَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَى صَاحِبِهِ الْمُصَنِّفِ يَنْبَغِي إجْرَاءُ هَذَا عَلَى مَا سَبَقَ فِي الْجِدَارِ، وَتَقَدَّمَ قَوْلُ ابْنِ شَاسٍ مَنْ سَقَطَ مِيزَابُهُ إلَخْ (أَوْ بَغْتِ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ فَجْءِ (رِيحٍ لِنَارٍ) مُوقَدَةٍ وَقْتَ سُكُونِهَا فَأَشْعَلَتْهَا وَنَقَلَتْهَا حَتَّى أَحْرَقَتْ نَفْسًا أَوْ مَالًا فَلَا ضَمَانَ عَلَى مُوقِدِهَا وَقَدْ تَقَدَّمَ نَصُّهَا بِهَذَا. وَفِي نَفْيِ الضَّمَانِ مُطْلَقًا فَقَالَ (كَحَرْقِهَا) أَيْ النَّارِ شَخْصًا (قَائِمًا لِطَفْئِهَا) خَوْفًا عَلَى نَفْسِهِ أَوْ بَيْتِهِ أَوْ زَرْعِهِ أَوْ مَالِهِ فَلَا يَضْمَنُهُ مُوقِدُهَا وَتَقَدَّمَ قَوْلُ أَشْهَبَ لَوْ كَانُوا لَمَّا خَافُوا عَلَى زَرْعِهِمْ مِنْ النَّارِ قَامُوا لِرَدِّهَا فَأَحْرَقَتْهُمْ فَدِمَاؤُهُمْ هَدَرٌ إلَخْ، ظَاهِرُهُ وَلَوْ أُوقِدَتْ فِي يَوْمٍ عَاصِفِ الرِّيحِ.
(وَجَازَ) أَيْ لَا يُمْنَعُ (دَفْعُ) آدَمِيٍّ مُكَلَّفٍ أَوْ صَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ أَوْ غَيْرِهِ (صَائِلٌ) أَيْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute