وَبِالْحُكْمِ جَمِيعُهُ، إنْ أَعْتَقَ جُزْءًا وَالْبَاقِي لَهُ.
ــ
[منح الجليل]
الثَّانِي: الْوَسْمُ وَالْإِشْعَارُ مُسْتَثْنَيَانِ مِنْ نَهْيِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ شَرِيطَةِ الشَّيْطَانِ وَعَنْ تَعْذِيبِ الْحَيَوَانِ بِالنَّارِ وَالْوَسْمُ الْكَيُّ بِالنَّارِ، وَأَصْلُهُ التَّعْلِيمُ بِأَيِّ شَيْءٍ كَانَ وَثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ «عَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ رَأَيْت فِي يَدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمِيسَمُ وَهُوَ يَسِمُ إبِلَ الصَّدَقَةِ وَالْفَيْءِ وَغَيْرَهَا حَتَّى يَعْرِفَ كُلٌّ مَالَهُ فَيُؤَدِّيَ حَقَّهُ وَلَا يُجَاوِزَهُ إلَى غَيْرِهِ» .
الثَّالِثُ: ابْنُ عَرَفَةَ اللَّخْمِيُّ إنْ لَمْ تَكُنْ الْمُثْلَةُ بَيِّنَةً فَلَا يَعْتِقُ إلَّا بِحُكْمٍ، وَفِي كَوْنِ الْبَيِّنَةِ كَذَلِكَ قَوْلَا مَالِكٍ مَعَ ابْنِ الْقَاسِمِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - قَائِلًا فِي الدِّمْيَاطِيَّةِ لَوْ قَطَعَ أُذُنَيْهِ وَلِسَانَهُ وَيَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ الْحُكْمِ بِعِتْقِهِ وَرِثَهُ سَيِّدُهُ بِالرِّقِّ وَأَشْهَبُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ لِقَوْلِهِ مَنْ مَثَّلَ بِعَبْدِهِ مُثْلَةً بَيِّنَةً فَهُوَ حُرٌّ حِينَ مَثَّلَ بِهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ، وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ لِاخْتِلَافِ النَّاسِ فِي ذَلِكَ، وَذَكَرَ الصِّقِلِّيُّ الْأَوَّلَ مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدٍ قَالَ وَقَالَ أَشْهَبُ بِالْمُثْلَةِ صَارَ حُرًّا وَإِنْ مَاتَ سَيِّدُهُ قَبْلَ الْعِلْمِ بِهِ فَهُوَ حُرٌّ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ الْمُثْلَةُ الْمَشْهُورَةُ الَّتِي لَا شَكَّ فِيهَا فَهُوَ حُرٌّ بِهَا بِغَيْرِ قَضِيَّةٍ، وَأَمَّا مُثْلَةٌ شُكَّ فِيهَا فَلَا يَعْتِقُ إلَّا بِالْحُكْمِ. قُلْت إنْ جَعَلْنَا الْمَشْهُورَةَ أَخَصَّ مِنْ الْبَيِّنَةِ، وَمَا شُكَّ يَصْدُقُ عَلَى الْبَيِّنَةِ اتَّفَقَ نَقْلَا اللَّخْمِيِّ وَالصَّقَلِّيِّ وَإِلَّا اخْتَلَفَا.
(وَ) عَتَقَ (بِالْحُكْمِ) عَلَى الْمَالِكِ (جَمِيعُهُ) أَيْ الرَّقِيقِ (إنْ أَعْتَقَ) الْمَالِكُ (جُزْءًا) مِنْهُ وَلَوْ قَلِيلًا كَرُبُعِ عُشْرٍ أَوْ يَدٍ (وَالْبَاقِي) مِنْ الرَّقِيقِ مَمْلُوكٌ (لَهُ) أَيْ مُعْتِقُ الْجُزْءِ هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ فِي كِتَابِ الْجِنَايَاتِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ. وَقِيلَ يَعْتِقُ بِلَا حُكْمٍ وَهُوَ ظَاهِرُهَا فِي كِتَابِ الْعِتْقِ اهـ. تت ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا مَعَ غَيْرِهَا مَنْ أَعْتَقَ جُزْءًا مِنْ عَبْدِهِ عَتَقَ جَمِيعُهُ. اللَّخْمِيُّ اخْتَلَفَ قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - هَلْ عَتَقَ بَقِيَّتُهُ بِنَفْسِ الْعِتْقِ أَوْ بَعْدَ الْحُكْمِ وَفَرَّقَ مَرَّةً فَقَالَ إنْ كَانَ لَهُ شَرِيكٌ فَحَتَّى يَحْكُمَ وَالْأَحْسَنُ وَقْفُهُ عَلَى الْحُكْمِ فِيهِمَا، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ. ابْنُ رُشْدٍ مِنْ سَمَاعِ يَحْيَى مَنْ أَعْتَقَ نِصْفَ عَبْدِهِ وَهُوَ صَحِيحٌ وَلَمْ يَرْفَعْ حَتَّى مَاتَ السَّيِّدُ فَلَا يَعْتِقُ إلَّا مَا أَعْتَقَهُ فِي صِحَّتِهِ، هَذَا مَشْهُورُ الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ يَكُونُ كُلُّهُ حُرًّا بِسَرَيَانِ الْعِتْقِ فِي جَمِيعِهِ حَكَاهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute