للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَأَنْ بَقِيَ لِغَيْرِهِ، إنْ دَفَعَ الْقِيمَةَ يَوْمَهُ.

ــ

[منح الجليل]

وَشَبَّهَ فِي تَكْمِيلِ الْعِتْقِ بِالْحُكْمِ فَقَالَ (كَأَنْ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ النُّونِ حَرْفٌ مَصْدَرِيٌّ مَقْرُونٌ بِكَافِ التَّشْبِيهِ صِلَتُهُ (بَقِيَ) فِي الرَّقِيقِ الْمُعْتَقِ جُزْؤُهُ جُزْءٌ (لِغَيْرِهِ) أَيْ مُعْتِقِ الْجُزْءِ بِأَنْ كَانَ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا فَيُكَمَّلُ عِتْقُ بَاقِيهِ عَلَى مُعْتِقِ جُزْئِهِ (إنْ دَفَعَ) مُعْتِقُ الْجُزْءِ (الْقِيمَةَ) لِلْجُزْءِ الْبَاقِي لِشَرِيكِهِ مُعْتَبَرَهً (يَوْمَهُ) أَيْ الْحُكْمِ بِعِتْقِ الْبَاقِي، هَذَا قَوْلُ مُطَرِّفٍ وَجَمَاعَةٍ، هَذَا عَلَى الْمَشْهُورِ، وَعَلَى أَنَّ عِتْقَ الْبَاقِيَ بِالسَّرَيَانِ فَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ عَتَقَ الْجُزْءُ، فِيهَا مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَهُوَ مَلِيءٌ قُوِّمَ عَلَيْهِ حَظُّ شَرِيكِهِ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ الْقَضَاءِ، وَعَتَقَ عَلَيْهِ ابْنُ الْحَاجِبِ، وَعَلَى الْأَظْهَرِ يُقَوَّمُ يَوْمَ الْحُكْمِ لَا يَوْمَ الْعِتْقِ.

الْمُوَضِّحُ هَذَا إذَا أَعْتَقَ نَصِيبَهُ خَاصَّةً، وَأَمَّا إنْ عَمَّمَ الْعِتْقَ كَمَا فِي الْجَوَاهِرِ. طفي لَيْسَ يَوْمَهُ ظَرْفًا لِدَفَعَ لِاقْتِضَائِهِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ دَفْعِهَا يَوْمَهُ. وَإِنَّمَا هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ حَالٍ مِنْ الْقِيمَةِ، أَيْ مُعْتَبَرَةً وَتَبِعَ فِي تَوَقُّفِ الْعِتْقِ عَلَى دَفْعِ الْقِيمَةِ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ، وَنَصُّهُ أَبُو مُحَمَّدٍ: أَظْهَرُ الرِّوَايَتَيْنِ، أَنَّ السِّرَايَةَ إنَّمَا تَحْصُلُ بِالتَّقْوِيمِ وَدَفْعِ الْقِيمَةِ لِلشَّرِيكِ. ابْنُ مَرْزُوقٍ نُصُوصُ الْمَالِكِيَّةِ قَلَّ أَنْ يُوجَدَ فِيهَا النَّصُّ عَلَى اشْتِرَاطِ دَفْعِ الْقِيمَةِ فِي حُصُولِ الْعِتْقِ وَإِنَّمَا اشْتَرَطُوا فِي التَّقْوِيمِ الْحُكْمَ بِالْعِتْقِ، وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ الشَّرِيكُ الْقِيمَةَ فَيَتْبَعُ بِهَا ذِمَّةَ الْمَلِيءِ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ هَذَا الشَّرْطَ عَبْدُ الْوَهَّابِ وَتَبِعَهُ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَالْمُصَنِّفُ، وَنَصُّهُ فِي الْمَعُونَةِ إنَّمَا شَرَطْنَا فِي إعْتَاقِ حِصَّةِ الشَّرِيكِ أَخْذَهُ الْقِيمَةَ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ فَكَانَ لَهُ مَالٌ يَبْلُغُ ثَمَنَ الْعَبْدِ قُوِّمَ عَلَيْهِ قِيمَةُ عَدْلٍ وَأَعْطَى شُرَكَاءَهُ حِصَصَهُمْ وَعَتَقَ عَلَيْهِ الْعَبْدُ، وَإِلَّا فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ» اهـ.

وَمَا قَالَهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ غَيْرُ مُسَلَّمٍ، فَفِي شَرْحِ مُسْلِمٍ لِلْقُرْطُبِيِّ بَعْدَ هَذَا الْحَدِيثِ ظَاهِرُهُ أَنَّ الْعِتْقَ بَعْدَ التَّقْوِيمِ وَالْإِعْطَاءِ مَعًا لَوْ وُجِدَ تَقْوِيمٌ دُونَ إعْطَاءٍ فَلَا يَكْمُلُ الْعِتْقُ إلَّا بِمَجْمُوعِهِمَا وَهُوَ ظَاهِرُ حِكَايَاتِ الْأَصْحَابِ عَنْ الْمَذْهَبِ، غَيْرَ أَنَّ سَحْنُونًا قَالَ أَجْمَعَ أَصْحَابُنَا عَلَى أَنَّ مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ إنَّهُ حُرٌّ بِتَقْوِيمِ الْإِمَامِ، فَظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يُعْطِهِ وَفِيهِ بُعْدٌ لِأَنَّ التَّقْوِيمَ لَوْ كَانَ مُحَصِّلًا لِلْعِتْقِ لَلَزِمَ أَنْ يَتْبَعَ الشَّرِيكُ ذِمَّةَ الْمُعْتِقِ إذَا أَعْسَرَ بَعْدَ التَّقْوِيمِ

<<  <  ج: ص:  >  >>