. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[منح الجليل]
إنَّمَا فَرَّقَ بَيْنَ تَدْبِيرِهَا إيَّاهُ كُلَّهُ وَبَيْنَ عِتْقِهَا إيَّاهُ لِأَنَّ التَّدْبِيرَ لَا يُخْرِجُ مِنْ يَدِهَا شَيْئًا هُوَ مَوْقُوفٌ مَعَهَا حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ ثُلُثِهَا فَلَا حُجَّةَ لِزَوْجِهَا إنَّمَا هِيَ وَصِيَّةٌ، وَكَرِهَهُ سَحْنُونٌ وَرَآهُ خَطَأً لَا شَكَّ فِيهِ، وَقَالَهُ الْأَخَوَانِ. ابْنُ رُشْدٍ رَوَى عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مِثْلَ قَوْلِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَسَحْنُونٍ، وَرَوَى مُحَمَّدٌ عَنْ يَحْيَى السَّبَائِيِّ فِي امْرَأَةٍ دَبَّرَتْ نِصْفَ عَبْدٍ لَا تَمْلِكُ غَيْرَهُ وَلَهَا زَوْجٌ لَا يُدَبَّرُ عَلَيْهَا كُلُّهُ وَلَا يَكُونُ مُدَبَّرًا إلَّا مَا ذَكَرْت لِأَنَّ زَوْجَهَا يَمْنَعُهَا مِنْ ذَلِكَ، وَفِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ نَظَرٌ، وَقِيَاسُ مَذْهَبِهِ أَنْ لَا يَكُونَ مُدَبَّرًا مِنْهُ إلَّا ثُلُثُهُ.
١ -
(تَنْبِيهَانِ)
الْأَوَّلُ: " غ " قَوْلُهُ مُكَلَّفٍ لَا شَكَّ فِي إخْرَاجِهِ الصَّبِيَّ وَالْمَجْنُونَ، وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ تَابِعًا لِابْنِ شَاسٍ، وَشَرْطُهُ التَّمْيِيزُ لَا الْبُلُوغُ فَيَنْفُذُ مِنْ الْمُمَيِّزِ، فَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَنْفُذُ مِنْ الْمُمَيِّزِ، وَلَوْ كَانَ صَغِيرًا وَهُوَ مُشْكِلٌ، إذْ غَيْرُ الْمُكَلَّفِ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ مِنْ الْتِزَامَاتِهِ، وَإِنَّمَا لَزِمَتْهُ الْوَصِيَّةُ إذَا مَاتَ اسْتِحْسَانًا، وَلِمَا رُوِيَ عَنْ الْمَاضِينَ فِيهَا؛ لِأَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ عَنْهَا وَلَا رُجُوعَ لَهُ عَنْ التَّدْبِيرِ إذَا لَزِمَهُ، وَقَدْ نَصَّ عَبْدُ الْمَلِكِ عَلَى أَنَّ تَدْبِيرَ مَنْ لَمْ يَبْلُغْ الْحُلُمَ لَا يَجُوزُ، وَكُلُّ مَنْ رَأَيْته مِمَّنْ يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ يُنْكِرُ هَذَا الْمَوْضِعَ مِنْ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ، وَكَذَا اسْتَشْكَلَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَابْنُ هَارُونَ، وَتَبِعَهُمْ الْمُصَنِّفُ. ابْنُ عَرَفَةَ هَذَا الِاسْتِشْكَالُ وَاضِحٌ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي ذَاتِ الزَّوْجِ لَا حُجَّةَ لِزَوْجِهَا إنَّمَا هِيَ وَصِيَّةٌ، وَقَوْلُ عَبْدِ الْمَلِكِ: لَا يَجُوزُ تَدْبِيرُ مَنْ لَمْ يَحْتَلِمْ، وَفِي الْبَيَانِ أَمَّا الصَّغِيرُ فَلَا اخْتِلَافَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ طَلَاقُهُ، وَلَا عِتْقُهُ، وَلَا شَيْءٌ مِنْ أَفْعَالِهِ.
وَفِي النَّوَادِرِ: تَدْبِيرُ مَنْ لَمْ يَبْلُغْ الْحُلُمَ لَا يَجُوزُ بِخِلَافِ وَصِيَّتِهِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْوَصِيَّةَ لَا تُخْرَجُ إلَّا بَعْدَ الْمَوْتِ، وَأَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ فِيهَا وَفِيهَا عِتْقُ السَّكْرَانِ وَتَدْبِيرُهُ جَائِزَانِ. ابْنُ عَرَفَةَ هَذَا يُبْطِلُ قَوْلَ ابْنِ الْحَاجِبِ شَرْطُهُ التَّمْيِيزُ. الْعَدَوِيُّ الْمُعْتَمَدُ مَا أَفَادَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ شُيُوخِنَا أَنَّ تَدْبِيرَ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ لَا يَصِحُّ وَلَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute