للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَإِنْ مِتُّ مِنْ مَرَضِي، أَوْ سَفَرِي هَذَا،

ــ

[منح الجليل]

يَنْقَلِبُ وَصِيَّةً كَمَا اعْتَمَدَهُ عج. طفي قَوْلُ ابْنِ عَرَفَةَ عَقِبَ قَوْلِهِ وَاضِحٌ إنْ حُمِلَ قَوْلُهُ يَنْفُذُ عَلَى اللُّزُومِ، وَإِنْ حُمِلَ عَلَى صِحَّتِهِ دُونَ لُزُومِهِ فَيَصِيرُ كَالْوَصِيَّةِ، فَيَصِحُّ فِيهِ نَظَرٌ؛ إذْ الْكَلَامُ فِي التَّدْبِيرِ اللَّازِمِ، وَإِذَا كَانَ غَيْرَ لَازِمٍ فَهُوَ وَصِيَّةٌ وَصِحَّتُهَا مِنْهُ وَاضِحَةٌ، وَلَيْسَ الْكَلَامُ فِيهَا. عج قَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ يَنْفُذُ مِنْ الْمُمَيِّزِ غَيْرُ ظَاهِرٍ، سَوَاءٌ أُرِيدَ بِهِ اللُّزُومُ أَوْ الصِّحَّةُ. الْبُنَانِيُّ هَذَا ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي التَّدْبِيرِ لَا فِي الْوَصِيَّةِ.

١ -

الثَّانِي: الْبُنَانِيُّ بَعْضُ الشُّيُوخِ لَمْ يَتَعَرَّضْ مَنْ رَأَيْت مِنْ الشُّيُوخِ لِلْفَرْقِ بَيْنَ التَّدْبِيرِ وَالْوَصِيَّةِ فِي الْحَقِيقَةِ، وَإِنَّمَا فَرَّقُوا بَيْنَهُمَا بِاللُّزُومِ وَعَدَمِهِ، وَهَذَا فَرْعٌ عَنْ مَعْرِفَةِ حَقِيقَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا؛ إذْ اللُّزُومُ وَعَدَمُهُ مِنْ الْأَحْكَامِ، وَرُبَّمَا يُؤْخَذُ الْفَرْقُ بَيْنَ حَقِيقَتَيْهِمَا مَعًا فِي الْمِعْيَارِ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ، وَنَصُّهُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْوَصِيَّةِ وَالتَّدْبِيرِ أَنَّ التَّدْبِيرَ عِتْقٌ أَوْجَبَهُ السَّيِّدُ عَلَى نَفْسِهِ فِي حَيَاتِهِ إلَى أَجَلٍ آتٍ لَا مَحَالَةَ، فَوَجَبَ أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ الرُّجُوعُ عَنْهُ بِقَوْلٍ وَلَا فِعْلٍ كَالْعِتْقِ إلَى أَجَلٍ، لِأَنَّ عِتْقَهُ عَلَيْهِ بَعْدَ مَوْتِهِ وَحَمَلَهُ الثُّلُثُ بِعَقْدِهِ عِتْقَهُ عَلَى نَفْسِهِ فِي حَيَاتِهِ وَالْمُوصِي بِالْعِتْقِ لَمْ يَعْقِدْ عَلَى نَفْسِهِ عِتْقًا، وَإِنَّمَا أَمَرَ أَنْ يُعْتَقَ بَعْدَ وَفَاتِهِ فَالْعِتْقُ إنَّمَا يُعْقَدُ بَعْدَ مَوْتِهِ كَمَنْ وَكَّلَ مَنْ يَبِيعُ عَبْدَهُ أَوْ يَهَبُهُ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَنْ تَوْكِيلِهِ بِمَا شَاءَ مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ مَا لَمْ يُنْفِذْ الْوَكِيلُ مَا أَمَرَهُ بِهِ، فَالتَّدْبِيرُ عِتْقٌ نَاجِزٌ حَالٌّ فِي عَيْنِ الْعَبْدِ، وَنَازِلٌ فِيهِ تَرَاخَى حُكْمُهُ إلَى مَوْتِ سَيِّدِهِ كَالْعِتْقِ لِأَجَلٍ وَالْمُوصَيْ بِعِتْقِهِ لَمْ يَحِلَّ فِيهِ عِتْقٌ وَلَمْ يَنْزِلْ فِيهِ إلَّا مَا يَعْقِدُهُ الْمُوصَيْ إلَيْهِ فِيهِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي اهـ وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا الْفَرْقُ عَنْ نَفْسِ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِقَوْلِهِ: إنَّ التَّدْبِيرَ أَوْجَبَهُ عَلَى نَفْسِهِ، وَالْوَصِيَّةُ بِالْعِتْقِ عِدَةٌ، وَنَقَلَهُ اللَّخْمِيُّ وَابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُمَا.

وَمَثَّلَ لِلْوَصِيَّةِ الَّتِي لَا تَلْزَمُ فَقَالَ (كَ) قَوْلِهِ فِي صِحَّتِهِ أَوْ مَرَضِهِ (إنْ مِتُّ) بِضَمِّ التَّاءِ (مِنْ مَرَضِي أَوْ سَفَرِي) هَذَا. الْبُنَانِيُّ يَصِحُّ تَقْدِيرُ الْجَوَابِ فَأَنْتَ حُرٌّ، وَيَصِحُّ تَقْدِيرُهُ فَأَنْتَ مُدَبَّرٌ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ فِي الثَّانِي. وَقَالَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَكِتَابُ ابْنِ سَحْنُونٍ أَنَّهُ تَدْبِيرٌ لَازِمٌ لَا رُجُوعَ لَهُ عَنْهُ، وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ ابْنُ يُونُسَ ابْنُ رُشْدٍ هَذَا الْخِلَافُ قَائِمٌ عِنْدِي

<<  <  ج: ص:  >  >>