وَلِوَارِثٍ: كَغَيْرِهِ بِزَائِدِ الثُّلُثِ يَوْمَ التَّنْفِيذِ
ــ
[منح الجليل]
رَأْيِ شُيُوخِنَا. قَالَ وَكَذَلِكَ رَأَى إنْفَاذَ الْوَصِيَّةِ بِضَرْبِ قُبَّةٍ عَلَى قَبْرِهَا. ابْنُ مَرْزُوقٍ الْأَوْلَى أَنْ يُمَثِّلَ بِإِيصَائِهِ بِبِنَاءِ قُبَّةٍ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا أَوْ بِإِقَامَةِ لَيْلَةِ الْمَوْلِدِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يَقَعُ فِي هَذِهِ الْأَزْمِنَةِ مِنْ اخْتِلَاطِ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ وَالنَّظَرِ لِلْمُحَرَّمِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ الْمَنَاكِرِ، وَكَأَنْ يُوصِيَ بِكَتْبِ جَوَابِ سُؤَالِ الْقَبْرِ وَجَعْلِهِ فِي كَفَنِهِ أَوْ قَبْرِهِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُجْعَلَ فِي صَوَانِيِ نُحَاسٍ وَيُجْعَلَ فِي جِدَارِ الْقَبْرِ لِتَنَالَهُ بَرَكَتُهُ قَالَهُ الْمِسْنَاوِيُّ.
(وَ) بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ (لِوَارِثٍ) لِخَبَرِ «إنَّ اللَّهَ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ أَلَا لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ» ، وَفِي الْمُوَطَّإِ السُّنَّةُ الَّتِي لَا اخْتِلَافَ فِيهَا عِنْدَنَا أَنَّهُ لَا تَجُوزُ وَصِيَّةٌ لِوَارِثٍ إلَّا أَنْ تُجِيزَهَا وَرَثَتُهُ، وَإِنْ أَجَازَ لَهُ بَعْضُهُمْ جَازَ لَهُ حَقُّ مَنْ أَجَازَ وَشَمِلَ إطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ ثَلَاثَ صُوَرٍ: إيصَاؤُهُ لِجَمِيعِ وَرَثَتِهِ بِمَا يُخَالِفُ حُقُوقَهُمْ، وَإِيصَاؤُهُ لِبَعْضِهِمْ فَقَطْ، وَإِيصَاؤُهُ لِجَمِيعِهِمْ بِمَا يُوَافِقُ حُقُوقَهُمْ، وَالْبُطْلَانُ ظَاهِرٌ فِي الْأَوَّلَيْنِ دُونَ الثَّالِثِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: مَعْنَى بُطْلَانِهِ عَدَمُ الِاعْتِدَادِ بِهِ.
وَشَبَّهَ فِي الْبُطْلَانِ فَقَالَ (كَ) وَصِيَّةٍ (لِغَيْرِهِ) أَيْ الْوَارِثِ (بِزَائِدِ الثُّلُثِ) وَتُعْتَبَرُ الزِّيَادَةُ عَلَى الثُّلُثِ (يَوْمَ التَّنْفِيذِ) لِلْوَصِيَّةِ لَا يَوْمَ الْمَوْتِ. ابْنُ عَرَفَةَ نُصُوصُ الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا وَاضِحَةٌ بِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي ثُلُثِ الْمَيِّتِ ثُلُثُ مَالِهِ يَوْمَ تَنْفِيذِ الْوَصِيَّةِ لَا يَوْمَ مَوْتِهِ، فَيَقُولُ ابْنُ الْحَاجِبِ: وَيُعْتَبَرُ كَوْنُهُ ثُلُثَ الْمَالِ الْمَوْجُودِ يَوْمَ مَوْتِهِ وَلَوْ كَانَ الْإِيصَاءُ فِي الصِّحَّةِ خِلَافَهُ. ابْنُ الْحَاجِبِ تَصِحُّ لِلْوَارِثِ، وَتُوقَفُ عَلَى إجَازَةِ الْوَرَثَةِ كَزَائِدِ الثُّلُثِ لِغَيْرِهِ، وَفِي كَوْنِهَا بِالْإِجَازَةِ تَنْفِيذًا أَوْ ابْتِدَاءً عَطِيَّةً مِنْهُمْ قَوْلَانِ. تت قَوْلُ الْبِسَاطِيِّ الْمَذْهَبُ أَنَّ الْوَصِيَّةَ لِلْوَارِثِ وَبِزَائِدٍ الثُّلُثِ صَحِيحَتَانِ مُتَوَافِقَتَانِ عَلَى إجَازَةِ الْوَرَثَةِ غَيْرُ ظَاهِرٍ، لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ أُجِيزَ فَعَطِيَّةٌ.
طفي الصَّوَابُ مَا قَالَ الْبِسَاطِيُّ، كَمَا قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَنَحْوُهُ لِابْنِ شَاسٍ، فَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِمَا أَنَّ الْقَوْلَ بِأَنَّهَا عَطِيَّةٌ مُفَرَّعٌ عَلَى صِحَّتِهَا، وَاَلَّذِي غَرَّ الْمُصَنِّفَ فِي مُخَالَفَتِهِمَا وَتَعْبِيرِهِ بِالْبُطْلَانِ الَّذِي لَمْ يُسْبَقْ بِهِ قَوْلُهُ فِي تَوْضِيحِهِ: وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا ابْتِدَاءً عَطِيَّةٌ لَا يَحْسُنُ أَنْ يُقَالَ تَصِحُّ لِلْوَارِثِ اهـ. وَتَبِعَهُ تت وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْقَائِلَ بِأَنَّهَا ابْتِدَاءً عَطِيَّةٌ لَيْسَتْ عِنْدَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute