للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَإِنْ أُجِيزَ، فَعَطِيَّةٌ؛

وَلَوْ قَالَ:

ــ

[منح الجليل]

عَطِيَّةٌ حَقِيقَةً؛ إذْ لَوْ كَانَتْ كَذَلِكَ مَا سَمَّوْهَا إجَازَةً لِفِعْلِ الْمُوصِي. وَقَدْ عَبَّرَ عِيَاضٌ بِأَنَّهَا كَالْعَطِيَّةِ وَلَوْ كَانَتْ بَاطِلَةً مَا عَبَّرُوا بِالْإِجَازَةِ، إذْ الْبَاطِلُ لَا يَجُوزُ، وَإِنَّمَا الْقَائِلُ بِالْبُطْلَانِ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَجَعَلُوهُ مُقَابِلًا لِلْمَذْهَبِ.

ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ لَيْسَ لِلْوَارِثِ أَنْ يُجِيزَ مَا زَادَهُ الْمُوصِي عَلَى الثُّلُثِ لِأَنَّهُ عَقْدٌ فَاسِدٌ لِلنَّهْيِ عَنْهُ اهـ. وَتَبِعَهُ الْبُنَانِيُّ، قُلْت قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ» وَقَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي مُوَطَّئِهِ السُّنَّةُ الَّتِي لَا اخْتِلَافَ فِيهَا عِنْدَنَا أَنَّهُ لَا تَجُوزُ وَصِيَّةٌ لِوَارِثٍ صَرِيحَانِ فِي بُطْلَانِهَا. وَقَدْ قَالَ الْمُصَنِّفُ سَابِقًا وَفَسَدَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ إلَّا لِدَلِيلٍ وَلَا دَلِيلَ هُنَا عَلَى صِحَّتِهَا، وَكَفَى بِهِمَا أُسْوَةً لِلْمُصَنِّفِ، وَقَدْ نَصَّ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ عَلَى فَسَادِهِ لِلنَّهْيِ عَنْهُ فَالصَّوَابُ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا، وَفِي التَّوْضِيحِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(وَإِنْ أُجِيزَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَفَتْحِ الزَّايِ مَا أَوْصَى بِهِ لِوَارِثِهِ، أَوْ زَائِدُ الثُّلُثِ لِغَيْرِهِ (فَعَطِيَّةٌ) مِنْ الْمُجِيزِ الرَّشِيدِ تَفْتَقِرُ لِلْجَوْزِ عَنْهُ قَبْلَ حُصُولِ مَانِعِهَا لَهُ. أَبُو الْحَسَنِ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ. وَقَالَ ابْنُ الْقَصَّارِ وَابْنُ الْعَطَّارِ إنْ أَجَازَ الْوَارِثُ مَا أَوْصَى بِهِ الْمَيِّتُ مِنْ الزَّائِدِ عَلَى الثُّلُثِ أَوْ الْوَصِيَّةِ لِلْوَارِثِ كَانَ ذَلِكَ تَنْفِيذًا لِفِعْلِ الْمَيِّتِ لَا ابْتِدَاءَ عَطِيَّةٍ مِنْ الْوَارِثِ، وَهَذَا الَّذِي نَقَلَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ وَالْبَاجِيِّ عَنْ الْمَذْهَبِ، قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَعَلَى الْأَوَّلِ يَكُونُ فِعْلُ الْمَيِّتِ عَلَى الرَّدِّ حَتَّى يُجَازَ، وَعَلَى الثَّانِي عَكْسُهُ، وَعَلَى الْأَوَّلِ لَا يَحْسُنُ أَنْ يُقَالَ: تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ كَمَا فَعَلَ ابْنُ الْحَاجِبِ طفي فِيهِ نَظَرٌ؛ إذْ هُوَ خِلَافُ قَوْلِ ابْنِ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ تُوقَفُ عَلَى إجَازَةِ الْوَارِثِ، ثُمَّ ذَكَرَ الْخِلَافَ فِي الْإِجَازَةِ هَلْ هِيَ عَطِيَّةٌ أَوْ تَنْفِيذٌ، فَعَلَى كُلِّ حَالٍ الْوَصِيَّةُ مَوْقُوفَةٌ وَلَا تَمْضِي إلَّا بِإِجَازَةٍ وَلَا سِيَّمَا، وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «لَا تَجُوزُ الْوَصِيَّةُ لِلْوَارِثِ إلَّا أَنْ يَشَاءَ الْوَرَثَةُ» اهـ. وَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يَقُلْ: بِجَوَازِهَا عَلَى الثَّانِي، وَلَوْ رَدَّهَا الْوَارِثُ فَهُوَ قَائِلٌ بِوَقْفِهَا عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَالْحَدِيثُ حُجَّةٌ لَهُ كَمَا تَقَدَّمَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَتَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ لِوَارِثٍ وَلِغَيْرِهِ بِزَائِدٍ الثُّلُثِ إنْ أَطْلَقَ، بَلْ (وَلَوْ قَالَ) الْمُوصِي (إنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>