إنْ لَمْ يُجِيزُوا، فَلِلْمَسَاكِينِ، بِخِلَافِ الْعَكْسِ
وَبِرُجُوعٍ فِيهَا وَإِنْ بِمَرَضٍ
ــ
[منح الجليل]
لَمْ يُجِيزُوا) أَيْ الْوَرَثَةُ الْوَصِيَّةَ لِوَارِثِهِ (فَ) الْمُوصَى بِهِ لِلْوَارِثِ (لِلْمَسَاكِينِ) مَثَلًا فَلَا تَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ إضْرَارٌ (بِخِلَافِ الْعَكْسِ) أَيْ قَوْلُهُ: الثُّلُثُ لِلْمَسَاكِينِ إلَّا أَنْ يُجِيزَهُ الْوَرَثَةُ لِابْنِي مَثَلًا فَهُوَ لَهُ، فَهِيَ وَصِيَّةٌ صَحِيحَةٌ، فَإِنْ أَجَازُوهَا لِابْنِهِ فَهِيَ لَهُ، وَإِلَّا فَهِيَ لِلْمَسَاكِينِ فِيهَا إنْ أَوْصَى بِثُلُثِهِ لِوَارِثِهِ، وَقَالَ: إنْ لَمْ يُجِزْ بَاقِي الْوَرَثَةِ فَهُوَ فِي السَّبِيلِ فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ وَهُوَ مِنْ الضَّرَرِ، وَلَوْ قَالَ: دَارِي فِي السَّبِيلِ إلَّا أَنْ يُنْفِذَهَا الْوَرَثَةُ لِابْنِي فَذَلِكَ نَافِذٌ عَلَى مَا أَوْصَى. الْعَدَوِيُّ الْفَرْقُ بَيْنَ الْأَصْلِ وَعَكْسِهِ أَنَّهُ بَدَأَ فِي عَكْسِهِ بِمَا يَصِحُّ الْإِيصَاءُ بِهِ فَدَلَّ عَلَى قَصْدِهِ الْقُرْبَةَ لَا الْإِضْرَارَ، وَفِي الْأَصْلِ بِمَا لَا يَصِحُّ فَدَلَّ عَلَى قَصْدِهِ الْإِضْرَارَ.
(وَ) بَطَلَتْ (بِرُجُوعٍ) مِنْ الْمُوصِي (فِيهَا) أَيْ الْوَصِيَّةِ، وَسَوَاءٌ كَانَتْ بِعِتْقٍ أَوْ غَيْرِهِ إنْ كَانَ فِي صِحَّتِهِ، بَلْ (وَإِنْ) رَجَعَ فِيهَا (بِمَرَضٍ) مَاتَ مِنْهُ، وَظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ شَرَطَ عَدَمَ رُجُوعِهِ، فِيهَا، وَصَرَّحَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ الْمَشْهُورُ. ابْنُ نَاجِي وَبِهِ الْعَمَلُ، وَحَكَى طُلْبَةُ بْنُ عَلْوَانَ اخْتِلَافَ فَتْوَى مُتَأَخِّرِي التُّونُسِيِّينَ إذَا كَانَ شَرَطَ عَدَمَ الرُّجُوعِ فِيهَا، وَقَالَ: مَهْمَا رَجَعَ عَنْهَا كَانَ رُجُوعُهُمَا تَأْكِيدًا لَهَا، وَلَا نَصَّ فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ وَلَا لِمُتَقَدِّمِي أَصْحَابِهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -، وَأَوَّلُ مَنْ نَصَّ عَلَيْهَا أَبُو إِسْحَاقَ التُّونُسِيُّ، وَتَبِعَهُ الْمَازِرِيُّ وَتِلْمِيذُهُ ابْنُ بَشْكَالَ وَعَبْدُ الْوَاحِدِ الْمُوَثِّقُ أَفَادَهُ تت. حُلُولُو بِالرُّجُوعِ حَكَمْت لَمَّا نَزَلَتْ اسْتِصْحَابًا لِحُكْمِ الْإِجْمَاعِ السَّابِقِ، وَهُوَ مُقْتَضَى الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ كُتُبِ الْمَذْهَبِ؛ إذْ لَمْ يُفَصِّلُوا، وَصَرَّحَ شَيْخُنَا ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ بِأَنَّ بِهِ الْعَمَلَ، وَصَرَّحَ غَيْرُهُ بِمَشْهُورِيَّتِهِ.
ابْنُ عَرَفَةَ: يَجُوزُ رُجُوعُ الْمُوصِي عَنْ وَصِيَّتِهِ إجْمَاعًا فِي صِحَّةٍ أَوْ مَرَضٍ، فَلَوْ الْتَزَمَ عَدَمَهُ فَفِي لُزُومِهِ اخْتِلَافٌ بَيْنَ فُقَهَاءِ تُونُسَ. أَبُو عَلِيٍّ بْنُ عَلْوَانَ فِي لُزُومِهَا بِالْتِزَامِهِ عَدَمَ الرُّجُوعِ
ثَالِثُهَا إنْ كَانَتْ بِعِتْقٍ وَلَمْ يَعْزُهَا وَفِي التَّخْيِيرِ وَالتَّمْلِيكِ، مِنْهَا إنْ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ تَطْلِيقَةً يَنْوِي بِهَا لَا رَجْعَةَ لِي عَلَيْك فَلَهُ رَجْعَتُهَا، وَقَوْلُهُ وَلَا رَجْعَةَ لِي عَلَيْك وَنِيَّتُهُ بَاطِلٌ. قُلْت فَعَلَيْهِ لَا يَلْزَمُ الْتِزَامُ عَدَمِ الرُّجُوعِ وَتَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ الْمُدَبَّرِ لِلتُّونُسِيِّ مَا يُفْهَمُ مِنْهُ اللُّزُومُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute