وَلَا مُخَالِفٌ فِي دَيْنٍ كَمُسْلِمٍ مَعَ مُرْتَدٍّ أَوْ غَيْرِهِ،
ــ
[منح الجليل]
عَنْهُ مَالُهُ فَيَكُونُ أَحَقُّ بِمِيرَاثِ مَوَالِيهِ إذَا مَاتُوا مَنْ وُرِّثَ عَنْهُ مَالُهُ عَلَى مَا قَضَى بِهِ ابْنُ الزُّبَيْرِ فِي ذَكْوَانَ مَوْلَى عَائِشَةَ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَهُ لِطَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - مِنْ أَجْلِ أَنَّ أَبَاهُ عَبْدَ اللَّهِ وَرِثَ عَائِشَةَ دُونَ الْقَاسِمِ؛ لِأَنَّ أَبَاهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ كَانَ أَخَا عَائِشَةَ لِأَبِيهَا وَأُمِّهَا، وَكَانَ مُحَمَّدٌ وَالِدُ الْقَاسِمِ أَخَاهَا لِأَبِيهَا دُونَ أُمِّهَا، وَاَلَّذِي يَأْتِي فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى قِيَاسِ مَا عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ أَنَّ أَحَقَّ النَّاسِ بِمِيرَاثِ مَوْلَاهُ أَقْرَبُ النَّاسِ لِلْمَقْتُولِ يَوْمَ مَاتَ الْمَوْلَى.
ابْنُ عَرَفَةَ قُلْت وَلِأَجْلِ أَنَّ هَذِهِ الرِّوَايَةَ خَارِجَةٌ عَنْ الْمَذْهَبِ تَوَاطَأَ الشُّيُوخُ عَلَى أَنَّ قَاتِلَ الْعَمْدِ يَرِثُ الْوَلَاءَ، وَقَرَّرُوهُ كَأَنَّهُ الْمَذْهَبُ وَلَمْ يَلْتَفِتُوا إلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ مِنْهُمْ. ابْنُ رُشْدٍ فِي الْأَجْوِبَةِ وَالْمُقَدِّمَاتِ وَابْنُ الْعَرَبِيِّ فِي الْقَانُونِ وَالْمَسَالِكِ وَالْمُتَيْطِيُّ وَالْجَزِيرِيُّ وَابْنُ فَتُّوحٍ وَابْنُ عَبْدِ الْغَفُورِ وَمِنْ الْفَرْضِيِّينَ ابْنُ ثَابِتٍ وَابْنُ خَرُّوفٍ وَالْحُوفِيُّ وَغَيْرُهُمْ، وَنِسْبَةُ الْوَهْمِ إلَى هَؤُلَاءِ كُلِّهِمْ وَهْمٌ نَقَلَهُ الْبُسْتَانِيُّ، وَتَقَدَّمَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الرَّاجِعَ الْإِرْثُ بِهِ لَا نَفْسَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْتَقِلُ عَمَّنْ ثَبَتَ لَهُ كَالنَّسَبِ وَصَوَّبَهُ ابْنُ يُونُسَ.
(وَلَا) يَرِثُ شَخْصٌ (مُخَالِفٌ) لِلْمَيِّتِ (فِي دِينٍ) فَلَا يَرِثُ مُسْلِمٌ كَافِرًا وَلَا كَافِرٌ مُسْلِمًا، لِخَبَرِ «لَا تَوَارُثَ بَيْنَ مِلَّتَيْنِ» ، وَمَثَّلَ لِذَلِكَ فَقَالَ (كَمُسْلِمٍ مَعَ) قَرِيبٍ أَوْ زَوْجٍ أَوْ مَوْلَى (مُرْتَدٍّ) عَنْ دِينِ الْإِسْلَامِ بَعْدَ تَقَرُّرِهِ لَهُ (أَوْ) مُسْلِمٌ (مَعَ) كَافِرٍ قَرِيبٍ أَوْ زَوْجٍ أَوْ مَوْلَى (غَيْرِهِ) أَيْ الْمُرْتَدِّ كَيَهُودِيٍّ أَوْ نَصْرَانِيٍّ أَوْ مَجُوسِيٍّ " غ ". إنْ كَانَ أَرَادَ بِغَيْرِهِ الزِّنْدِيقَ وَالسَّاحِرَ كَمَا قِيلَ عَلَى قَوْلِ الْأَكْثَرِ وَهِيَ رِوَايَةُ ابْنِ نَافِعٍ، وَيَعْضُدُهُ قَوْلُهُ فِي تَوْضِيحِهِ تَبَعًا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْأَظْهَرُ رِوَايَةُ ابْنِ نَافِعٍ إلَّا أَنَّهُ خِلَافُ قَوْلِهِ قَبْلُ فِي بَابِ الرِّدَّةِ، وَقُتِلَ الْمُسْتَسِرُّ بِلَا اسْتِتَابَةٍ إلَّا أَنْ يَجِيءَ تَائِبًا وَمَالُهُ لِوَرَثَتِهِ، وَهَذِهِ رِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَلَا يَنْبَغِي الْعُدُولُ عَنْهَا.
طفي عَرَضَ بِالشَّارِحِ فَإِنَّهُ نَقَلَ الْخِلَافَ فِي الزِّنْدِيقِ وَالسَّاحِرِ، وَعَزَا عَدَمَ إرْثِهِمَا لِلْأَكْثَرِ، ثُمَّ قَالَ وَلِهَذَا قَالَ مَعَ مُرْتَدٍّ أَوْ غَيْرِهِ لِيَتَنَاوَلَهُمَا، وَذَكَرَ رِوَايَةَ ابْنِ الْقَاسِمِ ثُمَّ قَالَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute