وَلَا تُنْكَأُ قُرُوحُهُ، وَيُؤْخَذُ عَفْوُهَا
، وَقِرَاءَةٌ عِنْدَ مَوْتِهِ
ــ
[منح الجليل]
عب وشب هَذَا مُشْكِلٌ يَكُونُ الْفِعْلُ مَكْرُوهًا وَالظَّاهِرُ نَدْبُهُ كَمَا قَالَ اللَّقَانِيُّ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَجْزَاءَ لَا تَجِبُ مُوَارَاتُهَا وَلَوْ وَجَبَ لَحَرُمَتْ الْإِزَالَةُ الْبُنَانِيُّ الظَّاهِرُ لَا إشْكَالَ وَالظَّاهِرُ كَلَامُ اللَّقَانِيِّ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ جُزْءًا حَقِيقِيًّا كَالْيَدِ وَالرِّجْلِ فَلَا يُعْطَى حُكْمُهُ.
(وَلَا تُنْكَأُ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَسُكُونِ النُّونِ آخِرُهُ هَمْزٌ أَيْ لَا تُفَجَّرُ وَلَا تُعْصَرُ (قُرُوحُهُ) بِضَمِّ الْقَافِ وَالرَّاءِ أَيْ جُرُوحُهُ وَدَمَامِيلُهُ (وَيُؤْخَذُ) أَيْ يُزَالُ بِالْغُسْلِ أَوْ بِغَيْرِهِ نَدْبًا (عَفْوُهَا) أَيْ مَا سَالَ مِنْهَا بِنَفْسِهِ بَعْدَ الْغُسْلِ وَلَوْ دُونَ دِرْهَمٍ لِلنَّظَافَةِ فِي الْجَوَاهِرِ وَلَا يُغَيَّرُ عَنْ هَيْئَتِهِ الَّتِي مَاتَ عَلَيْهَا أَصْلًا. وَفِي الْجَلَّابِ وَمَنْ بِهِ قُرُوحٌ غُسِلَ بِالْمَاءِ السُّخْنِ وَأُخِذَ عَفْوُهَا وَلَا تُنْكَأُ. تت أَيْ تُعْصَرُ قُرُوحُهُ كَدَمَامِلَ وَبَثَرَاتٍ وَجِرَاحَاتٍ وَنَحْوِهَا؛ لِأَنَّهُ سَبَبٌ لِخُرُوجِ مَا فِيهِ، وَهُوَ مَكْرُوهٌ فَيُتْرَكُ عَلَى حَالَتِهِ الَّتِي مَاتَ عَلَيْهَا. الْبِسَاطِيُّ ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ حَرَامٌ لِإِتْيَانِهِ بِالْفِعْلِ بَعْدَ عَدِّ شَيْءٍ مِنْ الْمَكْرُوهَاتِ وَفِي الْمَجْهُولِ أَيْ يُزَالُ مَا سَالَ مِنْهَا مِنْ الدَّمِ وَالْقَيْحِ مِمَّا تَسْهُلُ إزَالَتُهُ. اهـ.
وَيُحْتَمَلُ إزَالَةُ مَا بَقِيَ فِيهَا بَعْدَ عَصْرِهَا لِئَلَّا يُلَوَّثَ الْكَفَنُ وَالْأَوَّلُ صَرَّحَ بِهِ سَنَدٌ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَالَ لَا يُنْكَأُ ذَلِكَ فِي ضَوَامِرِهِ؛ لِأَنَّ الْغُسْلَ إنَّمَا تَعَلَّقَ بِالظَّاهِرِ كَمَا فِي الْجُنُبِ، وَإِنَّمَا يُعْصَرُ بَطْنُهُ خَشْيَةَ أَنْ يَخْرُجَ مِنْهُ شَيْءٌ فِي الْكَفَنِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ مَا فِي بَطْنِ الْقُرُوحِ فَإِنَّهُ إذَا أُخِذَ عَفْوُهُ لَمْ تَبْقَ مَادَّةٌ تَنْصَبُّ إلَيْهِ بِسُرْعَةٍ بِحَسَبِ ذَهَابِ جَرْيِ حَيَاتِهِ وَضِيقِ مَجَارِي الدَّمِ.
(وَ) كُرِهَ (قِرَاءَةٌ عِنْدَ مَوْتِهِ) سَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ لَيْسَتْ الْقَارَّةُ وَالْبَخُورُ مِنْ الْعَمَلِ ابْنُ رُشْدٍ اسْتَحَبَّ ذَلِكَ ابْنُ حَبِيبٍ وَحُكِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ قَرَأَ يس أَوْ قُرِئَتْ عِنْدَ رَأْسِهِ وَهُوَ فِي سَكَرَاتِ الْمَوْتِ بَعَثَ اللَّهُ مَلَكًا إلَى مَلَكِ الْمَوْتِ أَنْ هَوِّنْ عَلَى عَبْدِي الْمَوْتَ» قَالَ، وَإِنَّمَا كَرِهَ مَالِكٌ أَنْ يُفْعَلَ ذَلِكَ اسْتِنَانًا وَنَحْوُهُ لِابْنِ يُونُسَ. ابْنُ أَبِي جَمْرَةَ وَجْهُ مَا فِي السَّمَاعِ أَنَّ الْمَقْصُودَ هُنَا تَدَبُّرُ أَحْوَالِ الْمَيِّتِ لِيُتَّعَظَ بِهَا، وَهُوَ مُشْغِلٌ عَنْ تَدَبُّرِ الْقُرْآنِ فَيُؤَدِّي لِإِسْقَاطِ أَحَدِ الْعَمَلَيْنِ الْعَدَوِيُّ فَالْقِرَاءَةُ عِنْدَهُ مَكْرُوهَةٌ قَصَدَ بِهَا اسْتِنَانًا أَمْ لَا لِمُنَافَاتِهَا الْمَقْصُودَ، وَكَذَا بَعْدَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute