كَتَجْمِيرِ الدَّارِ، وَبَعْدَهُ، وَعَلَى قَبْرِهِ،
ــ
[منح الجليل]
مَوْتِهِ وَعَلَى قَبْرِهِ فَقَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ مُقَابِلٌ لِمَذْهَبِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -.
وَشَبَّهَ فِي الْكَرَاهَةِ فَقَالَ
(كَتَجْمِيرِ) أَيْ تَبْخِيرِ (الدَّارِ) لِإِزَالَةِ رَائِحَةِ الْمَوْتِ فِي زَعْمِهِ فَيُكْرَهُ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْعَمَلِ؛ وَلِأَنَّ الْمَوْتَ لَا رَائِحَةَ لَهُ فَإِنْ كَانَ لِإِزَالَةِ رَائِحَةٍ كَرِيهَةٍ نُدِبَ وَعَطَفَ عَلَى عِنْدَ مَوْتِهِ فَقَالَ (وَ) كُرِهَ قِرَاءَةٌ عَلَى الْمَيِّتِ (بَعْدَهُ) أَيْ الْمَوْتِ (وَعَلَى قَبْرِهِ) أَيْ الْمَيِّتِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ عَمَلِ السَّلَفِ الصَّالِحِ، وَلِمُنَافَاتِهَا لِلْمَقْصُودِ مِنْ التَّدَبُّرِ فِي حَالِ الْمَيِّتِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي التَّوْضِيحِ.
مَذْهَبُ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - كَرَاهَةُ الْقِرَاءَةِ عَلَى الْقَبْرِ وَنَقَلَهَا سَيِّدِي ابْنُ أَبِي حَمْزَةَ قَائِلًا؛ لِأَنَّا مُكَلَّفُونَ بِالتَّفَكُّرِ فِيمَا قِيلَ لَهُمْ وَمَاذَا لَقُوا وَنَحْنُ مُكَلَّفُونَ بِالتَّدَبُّرِ فِي الْقُرْآنِ فَآلَ الْأَمْرُ إلَى إسْقَاطِ أَحَدِ الْعَمَلَيْنِ. اهـ فَهَذَا صَرِيحٌ فِي الْكَرَاهَةِ مُطْلَقًا اهـ. ابْنُ عَرَفَةَ قَبِلَ عِيَاضٌ اسْتِدْلَالَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ عَلَى اسْتِحْبَابِ الْقِرَاءَةِ عَلَى الْقَبْرِ بِحَدِيثِ الْجَرِيدَتَيْنِ وَقَالَهُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. ابْنُ رُشْدٍ فِي نَوَازِلِهِ ضَابِطُهُ: إنْ قَرَأَ الرَّجُلُ وَوَهَبَ ثَوَابَ قِرَاءَتِهِ لِمَيِّتٍ جَازَ ذَلِكَ وَحَصَلَ لِلْمَيِّتِ أَجْرُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ.
الْقَرَافِيُّ: الْقُرُبَاتُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ قِسْمٌ حَجَرَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى عَبْدِهِ فِي ثَوَابِهِ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ نَقْلَهُ إلَى غَيْرِهِ كَالْإِيمَانِ وَالتَّوْحِيدِ، وَقِسْمٌ اُتُّفِقَ عَلَى جَوَازِ نَقْلِهِ وَهُوَ الْقُرُبَاتُ الْمَالِيَّةُ، وَقِسْمٌ اُخْتُلِفَ فِيهِ، وَهُوَ الصَّوْمُ وَالْحَجُّ وَالْقِرَاءَةُ فَمَنَعَهُ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - قِيَاسًا عَلَى الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّهَا بَدَنِيَّةٌ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنْسَانِ إِلا مَا سَعَى} [النجم: ٣٩] .
وَلِحَدِيثِ «إذَا مَاتَ ابْنُ آدَمَ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إلَّا مِنْ ثَلَاثٍ عِلْمٌ يُنْتَفَعُ بِهِ وَصَدَقَةٌ جَارِيَةٌ وَوَلَدٌ صَالِحٌ يَدْعُو لَهُ» . وَجَوَّزَهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَابْنُ حَنْبَلٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - قِيَاسًا عَلَى الدُّعَاءِ. وَلِحَدِيثِ «صَلِّ لَهُمَا مَعَ صَلَاتِك وَصُمْ لَهُمَا مَعَ صَوْمِك» يَعْنِي أَبَوَيْهِ وَجَوَابُ الْأَوَّلِ أَنَّ الدُّعَاءَ فِيهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute