وَدُفِنَتْ مُشْرِكَةٌ حَمَلَتْ مِنْ مُسْلِمٍ بِمَقْبَرَتِهِمْ
وَلَا يَسْتَقْبِلُ بِهَا قِبْلَتَنَا وَلَا قِبْلَتَهُمْ
وَرُمِيَ مَيِّتُ الْبَحْرِ بِهِ مُكَفَّنًا
ــ
[منح الجليل]
صَحَّحَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْقَوْلَ بِجَوَازِهِ ابْنُ الْقَصَّارِ الصَّحِيحُ أَنَّ الْمَيِّتَ مِنْ بَنِي آدَمَ لَيْسَ بِنَجِسٍ.
ثُمَّ قَالَ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى سَمَّى الْمَيْتَاتِ رِجْسًا وَالْمَيِّتُ مِنْ بَنِي آدَمَ لَا يُسَمَّى مَيْتَةً فَلَيْسَ بِرِجْسٍ وَلَا نَجَسٍ وَلَمْ يَحْرُمْ أَكْلُهُ لِنَجَاسَتِهِ إذْ لَيْسَ بِنَجِسٍ، وَإِنَّمَا حَرُمَ أَكْلُهُ إكْرَامًا لَهُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَمَّا لَمْ يُسَمَّ مَيْتَةً لَمْ يَجُزْ لِلْمُضْطَرِّ أَنْ يَأْكُلَهُ بِإِبَاحَةِ اللَّهِ تَعَالَى لَهُ أَكْلَ الْمَيْتَةِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْأَقْوَالِ، وَمُقَابِلُ الرَّاجِحِ يَجُوزُ لِلْمُضْطَرِّ أَكْلُهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَهُوَ الظَّاهِرُ ابْنُ عَرَفَةَ تَعَقَّبَ عَبْدُ الْحَقِّ وَغَيْرُهُ قَوْلَ ابْنِ الْقَصَّارِ الْمُضْطَرُّ إلَى أَكْلِ الْمَيْتَةِ لَا يَجِدُ إلَّا لَحْمَ الْآدَمِيِّ لَا يَأْكُلُهُ وَإِنْ خَافَ التَّلَفَ وَتَخْرِيجُهُ. ابْنُ بَشِيرٍ عَلَى الْبَقْرِ يُرَدُّ بِقُوَّةِ حُرْمَةِ مَنْ عُلِمَتْ حَيَاتُهُ دُونَ مَرْجُوِّهَا لِوُجُوبِ الْقِصَاصِ فِيهِ دُونَهُ إجْمَاعًا. عب لَا يَأْكُلُ الشَّخْصُ بَعْضَ نَفْسِهِ.
(وَدُفِنَتْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مَرْأَةٌ (مُشْرِكَةٌ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَكَسْرٍ أَيْ كَافِرَةٍ بِإِشْرَاكٍ أَوْ غَيْرِهِ (حَمَلَتْ) فِي بَطْنِهَا جَنِينًا (مِنْ) رَجُلٍ (مُسْلِمٍ) بِشُبْهَةٍ مُطْلَقًا أَوْ نِكَاحِ كِتَابِيَّةٍ أَوْ مَجُوسِيَّةٍ أَسْلَمَ زَوْجُهَا وَصِلَةُ دُفِنَتْ (بِمَقْبَرَتِهِمْ) أَيْ الْكُفَّارِ لِعَدَمِ حُرْمَةِ جَنِينِهَا حَتَّى يُولَدَ صَارِخًا. ابْنُ حَبِيبٍ؛ لِأَنَّهُ عُضْوٌ مِنْهَا حَتَّى يُزَايِلَهَا. وَقَالَ ابْنُ غَلَّابٍ تُدْفَنُ فِي طَرَفِ مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ، وَغَلَّطَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَرُدَّ بِأَنَّ مَنْ حَفِظَ مُقَدَّمٌ عَلَى غَيْرِهِ لِثَبْتِ النَّاقِلِ فَقَدْ نَقَلَهُ أَبُو إبْرَاهِيمَ. وَنَقَلَ أَيْضًا دَفْنَهَا بَيْنَ مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ وَالْكُفَّارِ، وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُوَ نَصُّ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إلَّا أَنَّهُ فَرَضَ الْمَسْأَلَةَ فِي الرِّوَايَةِ فِي نَصْرَانِيَّةٍ وَرَأَى الْمُصَنِّفُ أَنْ لَا فَرْقَ فَعَمَّمَ، وَتُتْرَكُ لِلْكُفَّارِ يَدْفِنُونَهَا كَيْفَ شَاءُوا.
فَقَوْلُهُ (وَلَا يُسْتَقْبَلُ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ تَحْتُ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ بِمَيِّتِ الْكُفَّارِ (قِبْلَتَنَا) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا (وَلَا قِبْلَتَهُمْ) أَيْ الْكُفَّارِ؛ لِأَنَّا لَا نَرَى طَلَبَ اسْتِقْبَالِهَا حَقُّهُ التَّأْخِيرُ عَنْ قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَضِيعَ فَلْيُوَارِهِ.
(وَرُمِيَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (مَيِّتُ الْبَحْرِ) أَيْ فِي السَّفِينَةِ السَّائِرَةِ فِيهِ وَصِلَةُ رُمِيَ (بِهِ) أَيْ فِي الْبَحْرِ مُغَسَّلًا مُحَنَّطًا (مُكَفَّنًا) بِضَمِّ أَوَّلِهَا وَفَتْحِ مَا قَبْلَ آخِرِهَا مُصَلًّى عَلَيْهِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ قَائِلًا مُلْقِيهِ " بِسْمِ اللَّهِ وَعَلَى سُنَّةِ رَسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اللَّهُمَّ تَقَبَّلْهُ بِأَحْسَنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute