للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنْ لَمْ يُرْجَ الْبَرُّ قَبْلَ تَغَيُّرِهِ،

وَلَا يُعَذَّبُ بِبُكَاءٍ لَمْ يُوصِ بِهِ،

وَلَا يُتْرَكُ مُسْلِمٌ لِوَلِيِّهِ الْكَافِرِ،

وَلَا يُغَسِّلُ مُسْلِمٌ أَبًا كَافِرًا وَلَا يُدْخِلُهُ قَبْرَهُ إلَّا

ــ

[منح الجليل]

قَبُولٍ " وَلَا يُثَقَّلُ (إنْ لَمْ يُرْجَ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ تَحْتُ (الْبَرُّ) أَيْ الْوُصُولُ إلَيْهِ (قَبْلَ تَغَيُّرِهِ) أَيْ الْمَيِّتِ وَالْأَوْجَبُ تَأْخِيرُهُ لِدَفْنِهِ بِهِ. ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ طَمِعُوا فِي الْبَرِّ مِنْ يَوْمِهِمْ وَشِبْهِهِ حَبَسُوهُ حَتَّى يَدْفِنُوهُ فِي الْبَرِّ، وَإِنْ أَيِسُوا مِنْ الْبَرِّ فِي مِثْلِ ذَلِكَ غَسَّلُوهُ، وَكَفَّنُوهُ وَحَنَّطُوهُ وَصَلَّوْا عَلَيْهِ حِينَ يَمُوتُ وَيُلْقُونَهُ فِي الْبَحْرِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ مُنْحَرِفًا عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ، وَقَالَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ وَأَصْبَغُ. وَاخْتُلِفَ هَلْ تُثَقَّلُ رِجْلُهُ بِشَيْءٍ لِيَغْرَقَ أَمْ لَا اهـ. ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغُ لَا يُثَقِّلُوا رِجْلَيْهِ بِشَيْءٍ لِيَغْرَقَ كَمَا يَفْعَلُ مَنْ لَا يَعْرِفُ وَحَقٌّ عَلَى وَاجِدِهِ بِالْبَرِّ دَفْنُهُ سَحْنُونٌ يُثَقَّلُ.

(وَلَا يُعَذَّبُ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ تَحْتُ وَفَتْحِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ الْمَيِّتُ (بِبُكَاءٍ) عَلَيْهِ حَرَامٌ (لَمْ يُوصِ بِهِ) فَإِنْ أَوْصَى بِهِ عُذِّبَ بِهِ كَتَرْكِهِ الْوَصِيَّةَ بِتَرْكِهِ مَعَ عِلْمِهِ امْتِثَالَهُمْ وَصِيَّتَهُ. فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ «إنَّ الْمَيِّتَ لَيُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ» ، وَتَأَوَّلَهُ الْمَازِرِيُّ بِثَلَاثَةِ تَأْوِيلَاتٍ. أَوَّلُهَا: بِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْكَافِرِ الَّذِي يُعَذَّبُ عَلَى كُفْرِهِ، وَهُمْ يَبْكُونَ عَلَيْهِ. ثَانِيهَا: أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ الْمَيِّتَ أَوْصَى بِأَنْ يُبْكَى عَلَيْهِ فَيُعَذَّبُ إنْ نُفِّذَتْ وَصِيَّتُهُ. ثَالِثُهَا: أَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَتَعَذَّبُ بِسَمَاعِ بُكَاءِ أَهْلِهِ وَيَرِقُّ لَهُمْ، وَقَدْ جَاءَ مُفَسَّرًا بِهَذَا فِي حَدِيثٍ قَبْلَهُ، وَإِلَى هَذَا نَحَا الطَّبَرِيُّ وَغَيْرُهُ، وَهُوَ أَوْلَى مَا يُقَالُ فِيهِ عج، وَكَذَا إنْ عَلِمَ أَنَّهُمْ يَبْكُونَ وَلَمْ يُوصِهِمْ بِتَرْكِهِ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ نَهْيُهُمْ عَنْهُ إنْ عَلِمَ امْتِثَالَهُمْ أَمْرَهُ، وَإِلَّا فَلَا.

(وَلَا يُتْرَكُ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ تَحْتَ وَفَتْحِ الرَّاءِ مَيِّتٌ (مُسْلِمٌ لِوَلِيِّهِ الْكَافِرِ) فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِتَجْهِيزِهِ إذْ لَا يُؤْمَنُ عَلَيْهِ مِنْ عَدَمِ تَغْسِيلِهِ وَتَكْفِينِهِ وَدَفْنِهِ فِي مَقْبَرَةِ الْكُفَّارِ وَاسْتِقْبَالِهِ قِبْلَتَهُمْ وَغَيْرِ ذَلِكَ، قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ وَأَمَّا مَسِيرُهُ مَعَهُ وَدُعَاؤُهُ لَهُ فَلَا يُمْنَعُ مِنْهُ فَيَتَوَلَّاهُ وَلِيُّهُ الْمُسْلِمُ إنْ كَانَ، وَإِلَّا فَالْمُسْلِمُونَ.

(وَلَا يُغَسِّلُ مُسْلِمٌ أَبًا) لَهُ مَثَلًا (كَافِرًا) أَيْ لَا يَجُوزُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لِلتَّعَبُّدِ عَلَى أَنَّهُ لِلنَّظَافَةِ فَيَجُوزُ (وَلَا يُدْخِلُهُ) أَيْ الْمُسْلِمُ أَبَاهُ الْكَافِرَ (قَبْرَهُ) أَيْ الْمُسْلِمِ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا)

<<  <  ج: ص:  >  >>