بِصَحْوٍ بِمِصْرٍ، فَإِنْ لَمْ يُرَ بَعْدَ ثَلَاثِينَ صَحْوًا كُذِّبَا
ــ
[منح الجليل]
بِصَحْوٍ بِمِصْرٍ) أَيْ: فِي بَلَدٍ كَبِيرٍ هَذَا قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -. ابْنُ رُشْدٍ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ ادَّعَيَا رُؤْيَتَهُ فِي الْجِهَةِ الَّتِي طَلَبَهُ غَيْرُهُمَا فِيهَا وَلَمْ يَرَهُ. وَأَشَارَ بِوَلَوْ لِقَوْلِ سَحْنُونٍ بِرَدِّ شَهَادَتِهِمَا لِلتُّهْمَةِ. ابْنُ بَشِيرٍ هُوَ خِلَافٌ فِي حَالِ إنْ نَظَرَ الْكُلَّ لِصَوْبٍ وَاحِدٍ رُدَّتْ وَإِنْ انْفَرَدَا بِالنَّظَرِ إلَى مَوْضِعٍ ثَبَتَتْ شَهَادَتُهُمَا وَعَدَّهُ ابْنُ الْحَاجِبِ ثَالِثًا وَاعْتَرَضَهُ الْمُوضِحُ.
(فَإِنْ) ثَبَتَ رَمَضَانُ بِرُؤْيَةِ عَدْلَيْنِ و (لَمْ يُرَ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ أَيْ: هِلَالُ شَوَّالٍ لِغَيْرِهِمَا (بَعْدَ) تَمَامِ (ثَلَاثِينَ) يَوْمًا مِنْ رُؤْيَةِ الْعَدْلَيْنِ حَالَ كَوْنِ السَّمَاءِ (صَحْوًا) أَيْ: لَا غَيْمَ عَلَيْهَا (كُذِّبَا) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا أَيْ: الْعَدْلَانِ فِي شَهَادَتِهِمَا بِرُؤْيَةِ هِلَالِ رَمَضَانَ لِاسْتِحَالَةِ كَوْنِ الشَّهْرِ وَاحِدًا وَثَلَاثِينَ يَوْمًا وَصِيمَ الْيَوْمُ الْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ وُجُوبًا. وَإِنْ ادَّعَيَا رُؤْيَةَ هِلَالِ شَوَّالٍ لَيْلَةَ الْحَادِي وَالثَّلَاثِينَ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُمَا لِاتِّهَامِهِمَا فِيهَا بِالْكَذِبِ لِإِمْضَاءِ الشَّهَادَةِ الْأُولَى، فَإِنْ رَآهُ غَيْرُهُمَا أَوْ كَانَتْ السَّمَاءُ مُغَيِّمَةً فَلَا يُكَذَّبَانِ.
وَيَثْبُتُ شَوَّالٌ بِكَمَالِ رَمَضَانَ أَوْ بِرُؤْيَةِ غَيْرِهِمَا، وَهَلْ يُشْتَرَطُ فِي تَكْذِيبِهِمَا كَوْنُ رُؤْيَتِهِمَا بِصَحْوٍ بِمِصْرٍ. فَإِنْ كَانَتْ بِغَيْمٍ أَوْ بَلَدٍ صَغِيرٍ فَلَا يُكَذَّبَانِ قَالَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَشَارِحُوهُ أَوْ لَا يُشْتَرَطُ هَذَا وَيُكَذَّبَانِ مُطْلَقًا كَانَتْ رُؤْيَتُهُمَا بِصَحْوٍ أَوْ غَيْمٍ بِبَلَدٍ كَبِيرٍ أَوْ صَغِيرٍ قَالَهُ ابْنُ غَازِيٍّ. وَاعْتَرَضَهُ الْحَطّ بِحَمْلِ الشَّاهِدَيْنِ مَعَ الْغَيْمِ أَوْ صِغَرِ الْبَلَدِ عَلَى السَّدَادِ لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ عَنْهُمَا، وَمِثْلُ الْعَدْلَيْنِ مَا زَادَ عَلَيْهِمَا وَلَمْ يَبْلُغْ عَدَدَ الْمُسْتَفِيضَةِ فِي التَّكْذِيبِ بِالشَّرْطَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ وَالْمُسْتَفِيضَةُ لَا يَتَأَتَّى فِيهَا ذَلِكَ، وَإِنْ فُرِضَ دَلَّ عَلَى عَدَمِ اسْتِفَاضَتِهِمْ فَيُكَذَّبُونَ أَيْضًا.
فَإِنْ قُلْت يَلْزَمُ عَلَى تَكْذِيبِ الْعَدْلَيْنِ وَمَنْ أُلْحِقَ بِهِمَا بُطْلَانُ صِيَامِ الشَّهْرِ كُلِّهِ لِمَنْ لَمْ يُبَيِّتْ النِّيَّةَ كُلَّ لَيْلَةٍ، وَاقْتَصَرَ عَلَى نِيَّةِ صِيَامِ الشَّهْرِ فِي أَوَّلِ لَيْلَةٍ إذْ شَرْطُ صِحَّةِ النِّيَّةِ تَبْيِيتُهَا لَيْلَةَ الصِّيَامِ، وَهَذَا قَدَّمَهَا عَلَى الشَّهْرِ بِلَيْلَةٍ وَيَوْمٍ. قُلْت صَحَّ صَوْمُهُ لِعُذْرِهِ وَلِمُرَاعَاةِ الْخِلَافِ إذْ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَمْ يَرَ التَّكْذِيبَ وَحَكَمَ بِثُبُوتِ شَوَّالٍ بِتَكْمِيلِ عِدَّةِ رَمَضَانَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا اعْتِدَادًا بِرُؤْيَتِهِمَا الْأُولَى وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ تَكْذِيبُهُمَا، وَلَوْ حَكَمَ بِشَهَادَتِهِمَا حَاكِمٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute