للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَفِيهَا.

ــ

[منح الجليل]

يُبَالِغُ فِي رَفْعِهِ حَتَّى يَعْقِرَهُ (وَ) نُدِبَ تَوَسُّطٌ (فِيهَا) أَيْ التَّلْبِيَةِ فَلَا يُكْثِرُهَا جِدًّا حَتَّى يَمَلَّهَا وَلَا يُقَلِّلُهَا، وَجَعَلَهُمَا تت سُنَّتَيْنِ. طفي اُنْظُرْ مَنْ ذَكَرَ السُّنِّيَّةَ فِيهِمَا. وَقَالَ فِي الْجَوَاهِرِ وَيُسْتَحَبُّ رَفْعُ الصَّوْتِ بِهَا إلَّا لِنِسَاءٍ وَلَا يُسْرِفُ فِي رَفْعِ الصَّوْتِ وَفِيهِمَا كَرِهَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنْ يُلَبِّيَ مَنْ لَمْ يُرِدْ الْحَجَّ وَرَآهُ خَرْقًا لِمَنْ فَعَلَهُ اهـ. وَمَعْنَاهَا أَنْ يَقُولَ فِي غَيْرِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَك إلَخْ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ الْجَلَّابِ مَنْ نَادَى رَجُلًا فَأَجَابَهُ بِالتَّلْبِيَةِ سَبْعًا فَقَدْ أَسَاءَ، أَيْ: قَالَ لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ إلَخْ، هَذَا مُحَصِّلُ كَلَامِ الْأَئِمَّةِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فِي قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَتَلْبِيَتُهُ الضَّمِيرُ لِلْإِحْرَامِ وَإِضَافَتُهَا إلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا أَوَّلُ مَا تُذْكَرُ مَعَهُ وَلَا تُسْتَعْمَلُ إلَّا بِسَبَبِهِ، وَاسْتِعْمَالُهَا فِي غَيْرِ النُّسُكِ جَهْلٌ وَمَكْرُوهٌ. فِي الشِّفَاءِ سُئِلَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ رَجُلٍ نَادَى رَجُلًا بِاسْمِهِ فَأَجَابَهُ لَبَّيْكَ فَقَالَ إنْ كَانَ جَاهِلًا أَوْ قَالَهُ عَلَى وَجْهِ سَفَهٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. قَالَ الْقَاضِي يَعْنِي نَفْسَهُ وَشَرَحَ قَوْلَهُ إنَّهُ لَا قَتْلَ عَلَيْهِ وَالْجَاهِلُ يُزْجَرُ وَيُعَلَّمُ وَالسَّفِيهُ يُؤَدَّبُ وَلَوْ قَالَهَا عَلَى اعْتِقَادِ إنْزَالِهِ مَنْزِلَةَ رَبِّهِ كَفَرَ هَذَا مُقْتَضَى قَوْلِهِ اهـ.

أَمَّا مُجَرَّدُ قَوْلِ الرَّجُلِ لَبَّيْكَ لِمَنْ نَادَاهُ فَلَا بَأْسَ بِهِ بَلَى هُوَ حُسْنُ أَدَبٍ وَاسْتَعْمَلَتْهُ الصَّحَابَةُ رِضْوَانُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِمْ مَعَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ مَعَهُمْ، وَقَدْ تَرْجَمَ الْبُخَارِيُّ فِي كِتَابِ الِاسْتِئْذَانِ بِقَوْلِهِ بَابُ مَنْ أَجَابَ بِلَبَّيْكَ وَذَكَرَ فِيهِ قَوْلَ مُعَاذٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ، وَقَوْلُ أَبِي ذَرٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - كَذَلِكَ وَمَعْلُومٌ أَنَّ فِقْهَ صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ فِي تَرَاجِمِهِ: وَفِي الشِّفَاءِ عَنْ «عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - مَا دَعَاهُ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا أَهْلِهِ إلَّا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَبَّيْكَ» اهـ. السُّيُوطِيّ رَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ بِسَنَدٍ وَاهٍ، وَقَدْ اعْتَرَضَ أَبُو الْحَسَنِ كَلَامَهَا الْمُتَقَدِّمَ بِقَوْلِهِ كَيْفَ يَصِحُّ هَذَا وَقَدْ كَانَتْ الصَّحَابَةُ تُجِيبُ بِالتَّلْبِيَةِ؟ وَلَعَلَّهُ كَرِهَهُ إذَا كَانَ يُلَبِّي غَيْرَ مُجِيبٍ لِأَحَدٍ اهـ. لَكِنَّ اعْتِرَاضَهُ مُنْدَفَعٌ بِمَا حَمَلْنَاهَا عَلَيْهِ وَهُوَ مُرَادُهَا غَابَ عَنْهُ فَاعْتُرِضَ، وَأَجَابَ بِجَوَابٍ فِيهِ نَظَرٌ، فَلَوْلَا أَنَّ الْإِجَابَةَ بِلَبَّيْكَ فَقَطْ مُقَرَّرَةٌ عِنْدَهُمْ بِالْإِبَاحَةِ مَا اُعْتُرِضَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>