وَعَاوَدَهَا بَعْدَ سَعْيٍ وَإِنْ بِالْمَسْجِدِ لِرَوَاجِ مُصَلَّى عَرَفَةَ.
وَمُحْرِمُ مَكَّةَ يُلَبِّي بِالْمَسْجِدِ وَمُعْتَمِرُ الْمِيقَاتِ، وَفَائِتِ الْحَجِّ لِلْحَرَمِ،
ــ
[منح الجليل]
وَأَمَّا قَوْلُ الشَّيْخِ ابْنِ أَبِي جَمْرَةَ عِنْدَ كَلَامِهِ عَلَى حَدِيثِ مُعَاذٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَوْلُهُ لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ الْإِجَابَةَ بِلَبَّيْكَ خَاصَّةٌ بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ وَقَدْ نَصَّ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ جَوَابَ الرَّجُلِ لِمَنْ نَادَاهُ لَبَّيْكَ مِنْ السَّفَهِ وَأَنَّهُ جَهْلٌ بِالسُّنَّةِ، وَاسْتِدْلَالُهُ عَلَى ذَلِكَ بِأَنَّ الصَّحَابَةَ لَمْ يَفْعَلُوهُ فِيمَا بَيْنَهُمْ وَبِكَوْنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ مَعَهُمْ فَغَيْرُ مُسَلَّمٍ، وَإِنْ سَلَّمَهُ فِي تَوْضِيحِهِ وَلَمْ يَقُمْ عَلَى الْخُصُوصِيَّةِ دَلِيلٌ. وَتَرْجَمَةُ الْبُخَارِيِّ تَدُلُّ عَلَى نَفْيِهَا وَالْأَصْلُ عَدَمُهَا، وَقَدْ عَلِمْت سَابِقًا أَنَّ السَّفَهَ لَيْسَ فِي الْإِجَابَةِ بِلَبَّيْكَ فَقَطْ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ كَوْنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَفْعَلْهُ مَعَ أَصْحَابِهِ خِلَافُ مَا لِعِيَاضٍ، وَمَا ذَكَرَهُ أَبُو نُعَيْمٍ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا -.
(وَعَاوَدَهَا) أَيْ: الْحَاجُّ التَّلْبِيَةَ وُجُوبًا قَالَهُ عج. عب وَفِيهِ مُخَالَفَةٌ لِمَا مَرَّ أَنَّهَا وَاجِبَةٌ فِي أَوَّلِهِ فَقَطْ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّ مُعَاوَدَتَهَا (بَعْدَ) فَرَاغِ (سَعْيٍ) كَتَجْدِيدِ إحْرَامٍ وَفِيهِ نَظَرٌ (وَإِنْ بِالْمَسْجِدِ) الْحَرَامِ أَوْ مَسْجِدِ مِنًى وَلَا يَزَالُ يُلَبِّي (لِرَوَاحِ مُصَلَّى) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ اللَّامِ أَيْ: مَسْجِدِ (عَرَفَةَ) بَعْدَ الزَّوَالِ كَمَا يُشْعِرُ بِهِ لَفْظُ رَوَاحٍ، فَإِنْ ذَهَبَ لَهُ قَبْلَ الزَّوَالِ لَبَّى إلَيْهِ. قَالَ الْحَطّ فَإِنْ أَحْرَمَ بِعَرَفَةَ بَعْدَ الزَّوَالِ لَبَّى بِهَا ثُمَّ قَطَعَهَا عَلَى الْمَشْهُورِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْقَرَافِيُّ بِشَرْحِ الْجَلَّابِ، وَقَالَ ابْنُ الْجَلَّابِ يُلَبِّي إلَى رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ، وَأَمَّا مَنْ أَحْرَمَ بِهَا قَبْلَ الزَّوَالِ فَإِنَّهُ يُلَبِّي إلَيْهِ وَيُقَالُ لَهُ أَيْضًا مُصَلَّى إبْرَاهِيمَ وَمَسْجِدِ عُرَنَةَ بِالنُّونِ وَمَسْجِدِ نَمِرَةَ، فَهِيَ أَسْمَاءٌ لِمُسَمًّى وَاحِدٍ وَهُوَ الَّذِي عَلَى يَسَارِ الذَّاهِبِ إلَى عَرَفَةَ. .
(وَمُحْرِمُ مَكَّةَ) سَوَاءٌ كَانَ مِنْ أَهْلِهَا أَوْ مُقِيمًا بِهَا وَلَا يَكُونُ إلَّا بِحَجٍّ مُفْرِدٍ (يُلَبِّي بِالْمَسْجِدِ) الْحَرَامِ أَيْ: يَبْتَدِئُهَا فِيهِ (وَ) يُلَبِّي (مُعْتَمِرُ) بِضَمِّ الْمِيمِ الْأُولَى وَكَسْرِ الثَّانِيَةِ (الْمِيقَاتِ) أَيْ: الْمُحْرِمُ بِالْعُمْرَةِ مِنْهُ (وَ) مُعْتَمِرُ (فَائِتِ الْحَجِّ) بِحَصْرِ عَدُوٍّ أَوْ مَرَضٍ وَلَمْ يَتَمَادَ عَلَيْهِ، وَتَحَلَّلَ مِنْهُ بِعُمْرَةٍ أَحْرَمَ بِهِ مِنْ الْحِلِّ يُلَبِّيَانِ (لِلْحَرَمِ) الْمُحَدَّدِ بِالْإِعْلَامِ الَّذِي يَحْرُمُ الصَّيْدُ فِيهِ، وَقَطْعُ النَّابِتِ فِيهِ بِنَفْسِهِ أَيْ: مَنْ اعْتَمَرَ لِفَوَاتِ حَجِّهِ، أَيْ: تَحَلَّلَ مِنْهُ بِفِعْلِ عُمْرَةٍ لَا أَنَّهُ يُنْشِئُ لَهَا إحْرَامًا. وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ أَحْرَمَ بِحَجٍّ وَفَاته الْحَجُّ قَبْلَ وُصُولِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute