وَكَبُّ رَأْسٍ عَلَى وِسَادَةٍ، وَمَصْبُوغٌ لِمُقْتَدًى بِهِ، وَشَمٌّ كَرَيْحَانٍ،
ــ
[منح الجليل]
وَلَا فِدْيَةَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ (وَ) كُرِهَ (كَبُّ رَأْسٍ عَلَى وِسَادَةٍ) ؛ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ التَّرَفُّهِ وَصَوَابُهُ إبْدَالُ رَأْسٍ بِوَجْهٍ كَمَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ اسْمَ الرَّأْسِ يُطْلَقُ عَلَى الْعُضْوِ بِتَمَامِهِ فَهِيَ مِنْ تَسْمِيَةِ الْجُزْءِ الَّذِي هُوَ الْوَجْهُ بِاسْمِ كُلِّهِ، وَلَا يَخْتَصُّ الْكُرْهُ بِالْمُحْرِمِ لِقَوْلِ الْجُزُولِيِّ النَّوْمُ عَلَى الْوَجْهِ نَوْمُ الْكُفَّارِ وَأَهْلِ النَّارِ وَالشَّيْطَانِ، وَلَا بَأْسَ بِوَضْعِ خَدِّ الْمُحْرِمِ عَلَيْهَا وَعَبَّرَ عَنْهُ ابْنُ شَاسٍ بِتَوَسُّدِهِ جَائِزٌ.
(وَ) كُرِهَ (مَصْبُوغٌ) بِعُصْفُرٍ وَنَحْوَهُ مِمَّا لَا طِيبَ فِيهِ، وَيُشْبِهُ لَوْنُهُ لَوْنَ الْمَصْبُوغِ بِالطِّيبِ كَالزَّعْفَرَانِ وَالْوَرْسِ (لِ) مُحْرِمٍ (مُقْتَدًى بِهِ) مِنْ إمَامٍ وَعَالِمٍ وَحَاكِمٍ غَيْرِ مُقَدَّمٍ بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْقَافِ وَفَتْحِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ، فَإِنْ كَانَ مُقَدَّمًا وَهُوَ الَّذِي صُبِغَ بِالْعُصْفُرِ مِرَارًا حَتَّى صَارَ ثَخِينًا قَوِيًّا شَدِيدَ الْحُمْرَةِ فَيَحْرُمُ لُبْسُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ عَلَى الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، وَفِيهِ الْفِدْيَةُ كَالْمُطَيَّبِ. وَكُرِهَ الْمَصْبُوغُ بِقَيْدِهِ لِلْمُقْتَدَى بِهِ سَدًّا لِلذَّرِيعَةِ لِئَلَّا يَتَطَرَّقَ الْجَاهِلُ بِفِعْلِهِ إلَى لُبْسِ الْمُطَيَّبِ تَأَسِّيًا بِالْمُقْتَدَى بِهِ لِظَنِّهِ أَنَّ مَلْبُوسَهُ مُطَيَّبٌ وَأَنَّهُ جَائِزٌ، وَالتَّقْيِيدُ بِمَا يُشْبِهُ لَوْنُهُ لَوْنَ الْمَصْبُوغِ بِالطِّيبِ لِإِخْرَاجِ مَا لَا يُشْبِهُ لَوْنُهُ لَوْنَ الطِّيبِ كَالْأَسْوَدِ وَالْأَخْضَرِ فَيَجُوزُ لُبْسُهُ لِلْمُحْرِمِ وَغَيْرِهِ وَلَوْ مُقْتَدًى بِهِ، خِلَافًا لِظَاهِرِ كَلَامِ التِّلِمْسَانِيِّ وَالْقَرَافِيِّ مِنْ كَرَاهَةِ مَا سِوَى الْأَبْيَضِ لِمُقْتَدًى بِهِ.
وَتَقْيِيدُنَا الْكَرَاهَةَ بِالْإِحْرَامِ لِإِخْرَاجِ غَيْرِ الْمُحْرِمِ فَيَجُوزُ لَهُ لُبْسُ الْمُزَعْفَرِ وَالْمُورِسِ وَالْمُعَصْفَرِ غَيْرِ الْمُقَدَّمِ. وَأَمَّا الْمُقَدَّمُ فَصَرَّحَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " بِكَرَاهَتِهِ لِلرِّجَالِ فِي غَيْرِ الْإِحْرَامِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَخَبَرُ نَهْيٍ عَنْ أَنْ يَتَزَعْفَرَ الرَّجُلُ حَمَلَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " عَلَى تَلْطِيخِ الْجَسَدِ بِزَعْفَرَانٍ. اللَّخْمِيُّ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ كَانَ يَصْبُغُ ثِيَابَهُ كُلَّهَا وَالْعِمَامَةَ بِالزَّعْفَرَانِ.
(وَ) كُرِهَ (شَمٌّ كَرَيْحَانٍ) مِنْ كُلِّ طِيبٍ مُذَكَّرٍ وَهُوَ مَا لَهُ رَائِحَةٌ ذَكِيَّةٌ وَلَا يَتَعَلَّقُ أَثَرُهُ بِمَاسِّهِ كَيَاسَمِينٍ وَوَرْدٍ، وَكَذَا شَمُّ مُؤَنَّثِهِ بِلَا مَسٍّ بِالْأَوْلَى وَهُوَ مَا لَهُ رَائِحَةٌ ذَكِيَّةٌ وَيَتَعَلَّقُ أَثَرُهُ بِمَاسِّهِ تَعَلَّقَا شَدِيدًا كَالزَّبَدِ وَالْمِسْكِ وَالزَّعْفَرَانِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute