وَمُكْثٌ بِمَكَانٍ بِهِ طِيبٌ، وَاسْتِصْحَابُهُ
ــ
[منح الجليل]
(وَ) كُرِهَ (مُكْثٌ بِمَكَانٍ بِهِ طِيبٌ) مُؤَنَّثٌ (وَ) كَذَا يُكْرَهُ (اسْتِصْحَابُهُ) أَيْ: الطِّيبُ الْمُؤَنَّثُ وَسَيَذْكُرُ حُرْمَةَ مَسِّهِ بِقَوْلِهِ وَتَطَيُّبٌ بِكَوْرَسٍ، وَلَا يُكْرَهُ مُكْثٌ بِمَكَانٍ بِهِ طِيبٌ مُذَكَّرٌ بِحَيْثُ لَا يَشُمُّهُ وَلَا يُكْرَهُ اسْتِصْحَابُهُ وَلَا مَسُّهُ بِغَيْرِ شَمٍّ، وَهَذِهِ مَفْهُومُهُ مِنْ قَوْلِهِ شَمٌّ، فَأَقْسَامُ الْمُؤَنَّثِ أَرْبَعَةٌ ثَلَاثَةٌ مَكْرُوهَةٌ وَهِيَ شَمُّهُ بِلَا مَسٍّ وَاسْتِصْحَابُهُ وَالْمُكْثُ بِمَكَانِهِ وَوَاحِدٌ مُحَرَّمٌ وَهُوَ مَسُّهُ.
وَأَقْسَامُ الْمُذَكَّرِ أَرْبَعَةٌ ثَلَاثَةٌ جَائِزَةٌ وَهِيَ الْمُكْثُ بِمَكَانِهِ وَاسْتِصْحَابُهُ وَمَسُّهُ بِلَا شَمٍّ، وَوَاحِدٌ مَكْرُوهٌ وَهُوَ شَمُّهُ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ وَمُكْثٌ بِمَكَانٍ بِهِ طِيبٌ الْبَيْتُ الشَّرِيفُ؛ لِأَنَّ الْقُرْبَ مِنْهُ قُرْبَةٌ وَمَا تَقَدَّمَ فِي تَعْرِيفِ الطِّيبِ الْمُذَكَّرِ وَالْمُؤَنَّثِ قَالَهُ تت هُنَا. وَذَكَرَ فِي كِفَايَةِ الطَّالِبِ عِنْدَ قَوْلِ الرِّسَالَةِ وَتَجْتَنِبُ أَيْ: الْمُعْتَدَّةُ الطِّيبَ كُلَّهُ مُذَكَّرَهُ وَهُوَ مَا ظَهَرَ لَوْنُهُ وَخَفِيَتْ رَائِحَتُهُ كَالْوَرْدِ، وَمُؤَنَّثَهُ وَهُوَ مَا خَفِيَ لَوْنُهُ وَظَهَرَتْ رَائِحَته كَالْمِسْكِ انْتَهَى، وَهُوَ أَقْرَبُ مِمَّا لتت. وَقَوْلُهُ فِي الْمُذَكَّرِ مَا ظَهَرَ لَوْنُهُ أَيْ الْمَقْصُودُ الْأَعْظَمُ مِنْهُ ذَلِكَ فَلَا يُنَافِي أَنَّ الْوَرْدَ لَهُ رَائِحَةٌ ذَكِيَّةٌ. قَوْلُهُ فِي الْمُؤَنَّثِ مَا خَفِيَ لَوْنُهُ أَيْ: الْغَالِبُ خَفَاءُ لَوْنِهِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ قَدْ يَظْهَرُ كَالزَّعْفَرَانِ. وَقَوْلُهُ وَظَهَرَتْ رَائِحَتُهُ أَيْ الْمَقْصُودُ الْأَعْظَمُ مِنْهُ ظُهُورُهَا كَالْمِسْكِ أَفَادَهُ عبق.
الْبُنَانِيُّ كَوْنُ شَمِّ الْمُؤَنَّثِ مَكْرُوهًا كَشَمِّ الْمُذَكَّرِ هُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ، لَكِنَّ اقْتِصَارَ الْمُصَنِّفِ عَلَى كَرَاهَةِ شَمِّ الْمُذَكَّرِ بِمَا يَقْتَضِي حُرْمَةَ شَمِّ الْمُؤَنَّثِ، وَعَزَاهُ الْبَاجِيَّ لِلْمَذْهَبِ. الْقَلْشَانِيُّ اُخْتُلِفَ فِي شَمِّ الْمُؤَنَّثِ كَالْمِسْكِ دُونَ مَسٍّ هَلْ هُوَ مَمْنُوعٌ أَوْ مَكْرُوهٌ، وَعَنْ الْبَاجِيَّ الْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ وَابْنُ الْقَصَّارِ قَالَ بِالثَّانِي وَهُوَ فِي الْمُدَوَّنَةِ. وَنَصَّ ابْنُ عَرَفَةَ فِي كَوْنِ شَمِّهِ أَيْ الْمُؤَنَّثِ دُونَ مَسِّهِ مَمْنُوعًا أَوْ مَكْرُوهًا نَقْلًا الْبَاجِيَّ عَنْ الْمُذَهَّبِ وَابْنِ الْقَصَّارِ. قُلْت هَذَا نَصُّهَا قَوْلُهُ وَلَا مَسُّهُ بِغَيْرِ شَمٍّ إلَخْ يَعْنِي لَا كَرَاهَةَ فِي مَسِّ الْمُذَكَّرِ، وَفِيهِ نَظَرٌ، بَلْ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ كَشَمِّهِ وَقَدْ صَرَّحَ فِي الْمُدَوَّنَةِ بِكَرَاهَةِ اسْتِعْمَالِهِ كَمَا فِي الْحَطّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ، بَلْ يُقَيَّدُ بِغَيْرِ الْحِنَّاءِ لِمَا يَأْتِي فِيهَا. قَالَ فِي التَّوْضِيحِ الْمُذَكَّرُ قِسْمَانِ قِسْمٌ مَكْرُوهٌ وَلَا فِدْيَةَ فِيهِ كَرَيْحَانٍ، وَقِسْمٌ مُحَرَّمٌ وَفِيهِ فِدْيَةٌ وَهُوَ الْحِنَّاءُ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute