وَحِجَامَةٌ بِلَا عُذْرٍ، وَغَمْسُ رَأْسٍ
ــ
[منح الجليل]
قَوْلُهُ وَمَا تَقَدَّمَ فِي تَعْرِيفِ الْمُذَكَّرِ وَالْمُؤَنَّثِ قَالَهُ تت، هَذَا هُوَ الَّذِي فِي التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ رَاشِدٍ وَغَيْرِهِ، وَمَا ذَكَرَهُ عَنْ كِفَايَةِ الطَّالِبِ هُوَ الَّذِي فَسَّرَ بِهِ أَبُو الْحَسَنِ فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ إلَى اللُّغَةِ. قَالَ فِي الْقَامُوسِ ذُكُورَةُ الطِّيبِ مَا لَيْسَ لَهُ رَدْغٌ أَيْ: مَا لَيْسَ لَهُ أَثَرٌ، وَقَالَ فِيهِ الرَّدْغُ أَثَرُ الطِّيبِ فِي الْجَسَدِ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْمُؤَنَّثَ مَا لَهُ رَدْغٌ أَيْ: أَثَرٌ إلَّا أَنَّ جَعْلَهُمْ الْحِنَّاءَ مِنْ الْمُذَكَّرِ مَعَ أَنَّ لَهَا رَدْغًا فِي الْجَسَدِ يُخَالِفُ اللُّغَةَ.
هَذَا وَفِي الْحَدِيثِ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّ خَيْرَ طِيبِ الرِّجَالِ مَا ظَهَرَ رِيحُهُ وَخَفِيَ لَوْنُهُ، وَخَيْرَ طِيبِ النِّسَاءِ مَا ظَهَرَ لَوْنُهُ وَخَفِيَ رِيحُهُ» ، أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ.
وَفَسَّرَ ابْنُ حَجَرٍ طِيبَ الرِّجَالِ بِالْمِسْكِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ قَالَ ابْنُ وَحْشِيٍّ فِي شَرْحِ الشِّهَابِ طِيبُ الرِّجَالِ كَالْمِسْكِ يَشْتَرِكُ فِي مَنْفَعَتِهِ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ إلَّا أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى النِّسَاءِ عِنْدَ الْخُرُوجِ كَمَا فِي الْحَدِيثِ، وَطِيبُ النِّسَاءِ هُوَ الَّذِي تَتَزَيَّنُ بِهِ الْمَرْأَةُ لِلزَّوْجِ وَالسَّيِّدِ مِثْلُ الْكُحْلِ لِلْعَيْنِ وَحُمْرَةِ الْعُصْفُرِ لِلْوَجْهِ وَالسَّوَادِ لِلْحَاجِبَيْنِ، وَهُوَ أَمْرٌ تَنْفَرِدُ بِهِ النِّسَاءُ اهـ. وَفِيهِ إضَافَةُ الْمُؤَنَّثِ لِلرِّجَالِ وَالْمُذَكَّرِ لِلنِّسَاءِ وَالْمُتَّجَهُ أَنَّ مَا لِلْفُقَهَاءِ اصْطِلَاحٌ خَاصٌّ بِبَابِ الْحَجِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(وَ) كُرِهَ (حِجَامَةٌ بِلَا عُذْرٍ) خِيفَةَ قَتْلِ الدَّوَابِّ فَإِنْ تَحَقَّقَ نَفْيُهَا فَلَا تُكْرَهُ بِلَا عُذْرٍ وَتَقَيُّدُ الْكَرَاهَةِ أَيْضًا بِمَا إذَا لَمْ يَزُلْ بِسَبَبِهَا شَعْرٌ وَإِلَّا حُرِّمَتْ بِلَا عُذْرٍ وَافْتَدَى كَانَتْ لِعُذْرٍ أَمْ لَا انْتَهَى عب. الْبُنَانِيُّ فِيهِ نَظَرٌ وَاَلَّذِي فِي الْحَطّ أَنَّ الْحِجَامَةَ بِلَا عُذْرٍ تُكْرَهُ مُطْلَقًا خَشِيَ قَتْلَ الدَّوَابِّ أَمْ لَا زَالَ بِسَبَبِهَا شَعْرٌ أَمْ لَا. هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ، وَأَمَّا لِعُذْرٍ فَتَجُوزُ مُطْلَقًا هَذَا هُوَ الْحُكْمُ ابْتِدَاءً. وَأَمَّا الْفِدْيَةُ فَتَجِبُ إنْ أَزَالَ شَعْرًا أَوْ قَتَلَ قَمْلًا كَثِيرًا وَالْقَلِيلُ فِيهِ الْإِطْعَامُ، وَسَوَاءٌ احْتَجَمَ لِعُذْرٍ أَمْ لَا إلَّا أَنَّ لُزُومَ الْفِدْيَةِ إذَا احْتَجَمَ لِغَيْرِ عُذْرٍ وَزَالَ الشَّعْرُ، فَالْكَرَاهَةُ حِينَئِذٍ مُشْكِلَةٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(وَ) كُرِهَ (غَمْسُ رَأْسٍ) فِي الْمَاءِ خِيفَةَ قَتْلِ الدَّوَابِّ فَإِنْ فَعَلَ أَطْعَمَ شَيْئًا مِنْ طَعَامٍ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ. وَاعْتَرَضَ ابْنُ عَرَفَةَ عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ إسْقَاطَهُ لِكَلَامِهَا وَمِثْلُهُ عَلَى الْمُصَنِّفِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute