كَمَا يُسْتَنْبَتُ، وَإِنْ لَمْ يُعَالَجْ، وَلَا جَزَاءَ كَصَيْدِ الْمَدِينَةِ
ــ
[منح الجليل]
وَأَمَّا ضَرْبُهُ بِالْعَصَا لِذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ، وَالْعَصَا وَالسِّوَاكُ وَقَطْعُ الشَّجَرِ لِلْبِنَاءِ وَالسُّكْنَى بِمَوْضِعِهِ. وَسَادِسُهَا قَطْعُهُ لِاصْطِلَاحِ الْحَوَائِطِ وَالْبَسَاتِينِ فَجُمْلَةُ الْمُسْتَثْنَيَاتِ سَبْعَةٌ. وَاقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَى السَّنَا لِشِدَّةِ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهِ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ اسْتَثْنَى الْإِذْخِرَ فِي الْحَدِيثِ وَزَادَ أَهْلُ الْمَذْهَبِ السَّنَا لِشِدَّةِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ وَرَأَوْهُ مِنْ قِيَاسِ الْأَحْرَى؛ لِأَنَّ حَاجَةَ النَّاسِ إلَيْهِ فِي الْأَوْدِيَةِ لِكُثْرٍ وَأَشَدُّ مِنْ حَاجَةِ أَهْلِ مَكَّةَ إلَى الْإِذْخِرِ وَهُوَ أَقْرَبُ مِنْ إجَازَةِ بَعْضِهِمْ اجْتِنَاءَ الْكُمَاةِ. وَإِجَازَةِ الشَّافِعِيِّ قَطْعَ الْمَسَاوِيكِ.
زَادَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَجَائِزٌ الرَّعْيُ فِي حَرَمِ مَكَّةَ وَحَرَمِ الْمَدِينَةِ فِي الْحَشِيشِ وَالشَّجَرِ وَأَكْرَهُ أَنْ يَحْتَشَّ فِي الْحَرَمِ حَلَالٌ أَوْ حَرَامٌ خِيفَةَ قَتْلِ الدَّوَابِّ، وَكَذَلِكَ الْحَرَامُ فِي الْحِلِّ إلَّا أَنْ يَسْلَمَا مِنْ قَتْلِ الدَّوَابِّ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ، وَأَكْرَهُ لَهُمْ ذَلِكَ وَنَهَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الْخَبْطِ وَقَالَ هُشُّوا وَارْعَوْا، قَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - الْهَشُّ، تَحْرِيكُ الشَّجَرِ بِالْمِجَنِّ لِيَقَعَ وَرَقُهُ وَلَا يُخْبَطُ وَلَا يُعْضَدُ وَالْعَضْدُ الْكَسْرُ اهـ.
وَشَبَّهَ فِي الْجَوَازِ الْمُفَادِ بِالِاسْتِثْنَاءِ فَقَالَ (كَمَا) أَيْ: الَّذِي (يُسْتَنْبَتُ) جِنْسُهُ كَخَسٍّ وَبَقْلٍ وَسَلْقٍ وَكُرَّاثٍ وَحِنْطَةٍ وَبِطِّيخٍ وَقِثَّاءٍ وَفَقُّوسٍ وَكَخَوْخٍ وَعُنَّابٍ وَعِنَبٍ وَنَخْلٍ فَيَجُوزُ قَطْعُهُ إنْ اسْتُنِبْتَ بَلْ (وَإِنْ لَمْ يُعَالَجْ) بِأَنْ نَبَتَ بِنَفْسِهِ اعْتِبَارًا بِأَصْلِهِ بِمَثَابَةِ مَا تَوَحَّشَ مِنْ الْإِنْسِيِّ (وَلَا جَزَاءَ) عَلَى قَاطِعِ مَا حَرُمَ قَطْعُهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْرٌ زَائِدٌ عَلَى التَّحْرِيمِ يَحْتَاجُ لِدَلِيلٍ وَلَا دَلِيلَ فَلَيْسَ فِيهِ إلَّا الِاسْتِغْفَارُ.
وَشَبَّهَ فِي الْحُرْمَةِ وَعَدَمِ الْجَزَاءِ فَقَالَ (كَصَيْدِ) حَرَمِ (الْمَدِينَةِ) الشَّرِيفَةِ الْمُنَوَّرَة بِأَنْوَارِ خَاتَمِ النَّبِيِّينَ، وَسَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ، فَيَحْرُمُ. وَلَا جَزَاءَ فِيهِ كَالْيَمِينِ الْغَمُوسِ الْمَاضِيَةِ؛ لِأَنَّ الْمُحَرِّمَ لِحَرَمِ الْمَدِينَةِ نَبِيُّنَا مُحَمَّدٌ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَالْمُحْرِمُ لِحَرَمٍ مَكَّةَ سَيِّدُنَا إبْرَاهِيمُ الْخَلِيلُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَنَبِيُّنَا أَعْظَمُ مِنْهُ - عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -. وَلِأَنَّ الْكَفَّارَةَ لَا تَثْبُتُ بِالْقِيَاسِ، أَفَادَهُ فِي التَّوْضِيحِ.
وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي رَسْمِ الْحَجِّ مِنْ سَمَاعِ الْقَرِينَيْنِ، مَا نَصُّهُ حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا بَيْنَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute