فَقِيهَيْنِ بِذَلِكَ
ــ
[منح الجليل]
وَأَمَّا إنْ أَرَادَ الطَّعَامَ فَلَمَّا حَكَمَا عَلَيْهِ بِهِ أَرَادَ الصِّيَامَ، فَهَا هُنَا قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا لَا يَحْتَاجُ إلَى حُكْمِهِمَا بِالصَّوْمِ؛ لِأَنَّهُ بَدَلٌ مِنْ الطَّعَامِ لَا مِنْ الصَّيْدِ، بِدَلِيلِ قَوْله تَعَالَى {أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا} [المائدة: ٩٥] ، وَكَأَنَّهُ مُقَدَّرٌ بِالطَّعَامِ بِتَقْدِيرِ الشَّرْعِ فَلَا حَاجَةَ إلَى الْحُكْمِ. اهـ. فَيَنْزِلُ كَلَامُ ابْنِ الْحَاجِبِ تَبَعًا لِابْنِ شَاسٍ عَلَى الْأَوَّلِ وَنَحْوِهِمَا قَوْلُهَا وَالْمَحْكُومُ عَلَيْهِ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ أَنْ يَحْكُمَا عَلَيْهِ بِجَزَاءِ مَا أَصَابَ مِنْ النَّعَمِ أَوْ بِالصِّيَامِ أَوْ بِالطَّعَامِ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فَإِنْ أَمَرَهُمَا بِالْحُكْمِ فَالْجَزَاءُ مِنْ النَّعَمِ، فَحَكَمَا بِهِ وَأَصَابَا فَأَرَادَ بَعْدَ حُكْمِهِمَا أَنْ يَرْجِعَ إلَى الصِّيَامِ أَوْ الطَّعَامِ يَحْكُمَانِ عَلَيْهِ بِهِ هُمَا أَوْ غَيْرُهُمَا فَلِذَلِكَ لَهُ اهـ.
وَكَلَامُ سَنَدٍ وَالْبَاجِيِّ وَابْنِ عَرَفَةَ عَلَى الثَّانِي، وَظَاهِرُ قَوْلِهَا وَإِنْ أَصَابَ الْمُحْرِمُ الْيَرْبُوعَ وَالضَّبَّ وَالْأَرْنَبَ وَشَبَهُهُ حُكِمَ فِيهِ بِقِيمَتِهِ طَعَامًا، وَخُيِّرَ الْمُحْرِمُ فَإِمَّا أَطْعَمَ لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدًّا أَوْ صَامَ لِكُلِّ مُدٍّ يَوْمًا عَدَمُ احْتِيَاجِ الصَّوْمِ لِلْحُكْمِ فِي الثَّانِي.
قَوْلُهُ وَلَا بُدَّ مِنْ لَفْظِ الْحُكْمِ عِبَارَةُ الْخَرَشِيِّ لَا بُدَّ مِنْ لَفْظِ الْحُكْمِ وَالْأَمْرِ بِالْجَزَاءِ، وَمِثْلُهَا فِي الْحَطّ عَنْ سَنَدٍ. وَمَعْنَى قَوْلِهِ وَالْأَمْرِ بِالْجَزَاءِ أَنَّ الْمَحْكُومَ عَلَيْهِ يَأْمُرُهُمَا بِالْحُكْمِ عَلَيْهِ بِالْجَزَاءِ، أَيْ: بِأَحَدِ الثَّلَاثَةِ لَا بِخُصُوصِ لَفْظِ الْجَزَاءِ. وَاَلَّذِي فِي تت قَالَ فِي الشَّامِلِ لَا بُدَّ مِنْ لَفْظِ الْحُكْمِ وَالْجَزَاءِ. طفي هَكَذَا فِي نُسْخَةٍ فِي الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ الَّتِي وَقَفْت عَلَيْهَا، وَعِبَارَةُ الشَّامِلِ لَا بُدَّ مِنْ لَفْظِ الْحُكْمِ وَالْأَمْرِ بِالْجَزَاءِ، وَهَكَذَا عِبَارَةُ سَنَدٍ الَّتِي نَقَلَهَا الْحَطّ وعج، وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ إذْ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَتَلَفَّظَا بِالْجَزَاءِ بَلْ الْحُكْمِ، فَفِي الْمُوَطَّإِ قَالَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لِرَجُلٍ بِجَنْبِهِ تَعَالَ أَحْكُمُ أَنَا وَأَنْتَ، فَحَكَمَا عَلَيْهِ وَفِيهِ أَيْضًا فَقَالَ عُمَرُ لِكَعْبٍ تَعَالَ نَحْكُمْ. وَمَعْنَى قَوْلِهِ وَالْأَمْرِ بِالْجَزَاءِ أَنْ يَأْمُرَهُمَا الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ بِالْحُكْمِ عَلَيْهِ لَا بِخُصُوصِ لَفْظِ الْجَزَاءِ فَفِيهَا فَإِنْ أَمَرَهُمَا بِالْحُكْمِ بِالْجَزَاءِ مِنْ النَّعَمِ فَحَكَمَا بِهِ وَأَصَابَا إلَخْ. وَقَالَ ابْنُ كِنَانَةَ قَالَ عُمَرُ لِعُثْمَانَ وَنَافِعِ بْنِ الْحَارِثِ اُحْكُمَا فَحَكَمَا عَلَيْهِ.
(فَقِيهَيْنِ) أَيْ: عَالِمَيْنِ (بِذَلِكَ) أَيْ حُكْمِ جَزَاءِ الصَّيْدِ لَا بِجَمِيعِ أَبْوَابِ الْفِقْهِ، وَخَبَرُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute