للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْجَزَاءُ بِحُكْمِ عَدْلَيْنِ

ــ

[منح الجليل]

الْجَرَادُ بِهَا وَلَا بَأْسَ أَنْ يُطْرَدَ عَنْ النَّخْلِ. وَقِيلَ إنَّ حَرَّمَهَا بَرِيدٌ فِي بَرِيدٍ مِنْ جَانِبِهَا كُلِّهَا.

وَفِي الْإِكْمَالِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ تَحْرِيمُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا بَيْنَ لَابَتَيْ الْمَدِينَةِ إنَّمَا ذَلِكَ فِي الصَّيْدِ خَاصَّةً، وَأَمَّا فِي قَطْعِ الشَّجَرِ فَبَرِيدٌ فِي بَرِيدٍ مِنْ دُورِ الْمَدِينَةِ كُلِّهَا أَخْبَرَنِي بِذَلِكَ مُطَرِّفٌ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -، وَهُوَ قَوْلُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَابْنِ وَهْبٍ وَقَدْ ذَكَرَ مُسْلِمٌ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ «إنِّي أُحَرِّمُ مَا بَيْنَ جَبَلَيْهَا» . وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - «وَجَعَلَ اثْنَيْ عَشَرَ مِيلًا حَوْلَ الْمَدِينَةِ حِمًى» ، وَهَذَا تَفْسِيرُ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ وَهْبٍ وَرَوَاهُ مُطَرِّفٌ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ.

(وَالْجَزَاءُ) سَوَاءٌ كَانَ مِثْلًا مِنْ النَّعَمِ بِكَسْرِ الْمِيمِ أَوْ طَعَامًا أَوْ صِيَامًا مَشْرُوطٌ (بِحُكْمِ) رَجُلَيْنِ (عَدْلَيْنِ) عَدَالَةَ شَهَادَةٍ فَتَتَضَمَّنُ الْحُرِّيَّةَ وَالْبُلُوغَ وَالْعِلْمَ بِالْمَحْكُومِ بِهِ، وَلَوْ كَانَ الصَّيْدُ مُحَرَّمًا كَخِنْزِيرٍ. وَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ طَعَامًا عَلَى تَقْدِيرِ جَوَازِ بَيْعِهِ، فَإِنْ أَخْرَجَ الْجَزَاءَ بِلَا حُكْمٍ أَعَادَهُ بَعْدَ الْحُكْمِ وَلَا بُدَّ مِنْ لَفْظِ الْحُكْمِ وَلَا تَكْفِي الْفَتْوَى وَلَا الْإِشَارَةُ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ إنْشَاءٌ فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ اللَّفْظِ. وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ إذْنُ الْإِمَامِ. وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهِمَا غَيْرَ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ أَفَادَهُ عب. الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ مِثْلًا بِكَسْرِ الْمِيمِ إلَخْ هَذَا التَّعْمِيمُ هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ. الْحَطّ مَا عَلِمْت خِلَافًا فِي اشْتِرَاطِ الْحُكْمِ فِي الْأَوَّلَيْنِ وَأَمَّا الصَّوْمُ فَصَرَّحَ ابْنُ الْحَاجِبِ بِاشْتِرَاطِهِ فِيهِ.

وَذَكَرَ سَنَدٌ فِيهِ خِلَافًا بَعْدَ أَنْ قَالَ لَا يَخْتَلِفُ أَهْلُ الْمَذْهَبِ فِي نَدْبِهِ قَالَ قَالَ الْبَاجِيَّ الْأَظْهَرُ عِنْدِي اسْتِئْنَافُ الْحُكْمِ فِي الصَّوْمِ؛ لِأَنَّ تَقْدِيرَ الْأَيَّامِ بِالْأَمْدَادِ مَوْضِعُ اجْتِهَادٍ فَقَدْ خَالَفَ فِيهِ بَعْضُ الْكُوفِيِّينَ فَقَالَ صَوْمُ يَوْمٍ يَعْدِلُ مُدَّيْنِ، وَبِالْحُكْمِ يُتَخَلَّصُ مِنْ الْخِلَافِ. وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ بَلْ صَرِيحُهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْحُكْمُ. الرَّمَاصِيُّ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فَظَاهِرُهُ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ مَحَلِّهِ الْفَاكِهَانِيُّ إنْ أَرَادَ ابْتِدَاءَ أَنْ يَصُومَ فَلَا بُدَّ أَنْ يَحْكُمَا عَلَيْهِ فَيَنْظُرَا لَقِيمَةِ الصَّيْدِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ قَدْرُ الصَّوْمِ إلَّا بِمَعْرِفَةِ قَدْرِ الطَّعَامِ، وَلَا يَكُونُ الطَّعَامُ إلَّا بِحُكْمٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>