كَرَسُولِهِ، وَضَمِنَ فِي غَيْرِ الرَّسُولِ بِأَمْرِهِ، بِأَخْذِ شَيْءٍ: كَأَكْلِهِ مِنْ مَمْنُوعٍ بَدَلَهُ،
ــ
[منح الجليل]
وَهِيَ بِاعْتِبَارِ الْأَكْلِ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ: مَا يُمْنَعُ أَكْلُهُ مِنْهُ مُطْلَقًا، وَمَا يَجُوزُ أَكْلُهُ مِنْهُ مُطْلَقًا، وَمَا يُمْنَعُ أَكْلُهُ مِنْهُ بَعْدَ مَحَلِّهِ وَيَجُوزُ قَبْلَهُ وَعَكْسُهُ كَمَا أَفَادَهَا الْمُصَنِّفُ، وَنَظَمَهَا ابْنُ غَازِيٍّ بِإِحْكَامِهَا فِي نَظَائِرِ الرِّسَالَةِ فَقَالَ:
كُلُّ هَدْيٍ نَقْصٌ وَاَلَّذِي ضَمِنْتَا ... إنْ لَمْ تَكُنْ سَمَّيْت أَوْ قَصَدْتَا
وَدَعْ مُعَيَّنًا إذَا فَعَلْتَا ... وَقَبْلَ كُلِّ جَزَاءِ صَيْدٍ نِلْتَا
وَهَدْيِ فِدْيَةِ الْأَذَى إنْ شِئْتَا ... وَمَا ضَمِنْت قَصْدًا وَصَرَّحْتَا
وَبَعْدَ كُلٍّ طَوْعًا وَمَا عَيَّنْتَا ... إنْ لَمْ تَكُنْ سَمَّيْت أَوْ أَضْمَرْتَا
وَشَبَّهَ فِي تَذْكِيَةِ هَدْيِ التَّطَوُّعِ وَإِلْقَاءِ قِلَادَتِهِ بِدَمِهِ وَالتَّخْلِيَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ فَقَالَ (كَرَسُولِهِ) أَيْ: رَبِّ الْهَدْيِ الَّذِي أَرْسَلَهُ بِهَدْيِ تَطَوُّعٍ فَعَطِبَ مِنْهُ قَبْلَ مَحَلِّهِ فَيُذَكِّيهِ وَيُلْقِي قِلَادَتَهُ بِدَمِهِ وَيُخَلِّيهِ لِلنَّاسِ فَلَا يَأْكُلُ مِنْهُ. قَالَهُ الشَّيْخُ سَالِمٌ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ تَشْبِيهٌ فِي جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْأَحْكَامِ وَالْأَفْعَالِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ فِيهَا وَالْمَبْعُوثُ مَعَهُ الْهَدْيُ يَأْكُلُ مِنْهُ إلَّا مِنْ الْجَزَاءِ أَوْ الْفِدْيَةِ أَوْ نَذْرِ الْمَسَاكِينِ فَلَا يَأْكُلُ مِنْهُ شَيْئًا إلَّا أَنْ يَكُونَ الرَّسُولُ مِسْكَيْنَا فَجَائِزٌ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ. وَقَالَ فِي هَدْيِ التَّطَوُّعِ وَإِنْ بَعَثَ بِهِمَا مَعَ رَجُلٍ فَعَطِبَتْ فَسَبِيلُ الرَّسُولِ سَبِيلُ صَاحِبِهَا لَوْ كَانَ مَعَهَا وَلَا يَأْكُلُ مِنْهَا الرَّسُولُ.
(وَضَمِنَ) رَبُّ الْهَدْيِ (فِي غَيْرِ) مَسْأَلَةِ (الرَّسُولِ بِ) سَبَبِ (أَمْرِهِ) أَيْ: رَبِّ الْهَدْيِ شَخْصًا (بِأَخْذِ شَيْءٍ) مِنْ هَدْيٍ مَمْنُوعٍ أَكْلُهُ مِنْهُ. وَشَبَّهَ فِي الضَّمَانِ فَقَالَ (كَأَكْلِهِ) أَيْ: رَبِّهِ (مِنْ) هَدْيٍ (مَمْنُوعٍ) أَكْلُهُ مِنْهُ وَمَفْعُولُ ضَمِنَ قَوْلُهُ (بَدَلَهُ) أَيْ الْهَدْيِ هَدْيًا كَامِلًا لَا قَدْرَ أَكْلِهِ أَوْ مَا أَخَذَهُ مَأْمُورُهُ فَقَطْ، سَوَاءٌ أَمَرَ مُسْتَحِقًّا أَوْ غَيْرَهُ إنْ كَانَ الْهَدْيُ تَطَوُّعًا كَغَيْرِهِ إنْ أَمَرَ غَيْرَ مُسْتَحِقٍّ، وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. وَأَمَّا الرَّسُولُ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُهْدِي إنْ لَمْ يَأْمُرْهُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ أَجْنَبِيٌّ تَعَدَّى، وَلَا عَلَى الرَّسُولِ إنْ أَكَلَ أَوْ أَمَرَ مَنْ يَأْكُلُ أَوْ يَأْخُذُ شَيْئًا إنْ كَانَ مُسْتَحِقًّا وَمَأْمُورُهُ مُسْتَحِقٌّ، وَإِلَّا ضَمِنَ قَدْرَ أَكْلِهِ وَقَدْرَ مَأْخُوذِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute