وَلَا دَمَ إنْ أَخَّرَهُ، وَلَا يَلْزَمُهُ طَرِيقٌ مَخُوفٌ وَكُرِهَ إبْقَاءُ، إحْرَامِهِ، وَإِنْ قَارَبَ مَكَّةَ أَوْ دَخَلَهَا.
وَلَا يَتَحَلَّلُ، إنْ دَخَلَ وَقْتُهُ،
ــ
[منح الجليل]
وَلَا دَمَ) عَلَى الْمُحْصَرِ عَنْهُمَا (إنْ أَخَّرَهُ) أَيْ التَّحَلُّلَ أَوْ الْحَلْقَ لِبَلَدِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا وَقَعَ فِي غَيْرِ زَمَانِهِ وَمَكَانِهِ لَمْ يَكُنْ نُسُكًا بَلْ تَحَلُّلٌ فَقَطْ (وَلَا يَلْزَمُهُ) أَيْ: الْمُحْصَرَ مُطْلَقًا (طَرِيقٌ مَخُوفٌ) عَلَى نَفْسٍ أَوْ مَالٍ كَثِيرٍ أَوْ يَسِيرٍ يَمْكُثُ آخِذُهُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْحَجَّ لَوْلَا الْمَخُوفُ فَلَيْسَ خَاصًّا بِالْمُحْصَرِ عَنْهُمَا مَعًا الَّذِي الْكَلَامُ فِيهِ، وَمَفْهُومُ مَخُوفٍ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ سُلُوكُ طَرِيقٍ مَأْمُونٍ وَإِنْ بَعُدَ إنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ لِإِدْرَاكِ الْحَجِّ وَلَمْ تَعْظُمْ مَشَقَّتُهَا، وَإِلَّا لَمْ يَلْزَمْهُ أَيْضًا. قَوْلُهُ لَا يَلْزَمُهُ أَيْ: لَا يَجِبُ عَلَيْهِ وَمَا وَرَاءَ ذَلِكَ شَيْءٌ آخَرُ، وَيَنْبَغِي الْحُرْمَةُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة: ١٩٥] . وَقَوْلُهُ مَخُوفٌ كَذَا فِي نُسَخٍ أَيْ: طَرِيقٌ يَحْصُلُ فِيهِ الْخَوْفُ، وَأَمَّا الَّذِي يُخِيفُ مِنْ نَظَرِهِ فَيُقَالُ لَهُ مُخِيفٌ فِيمَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ مِنْ مُخِيفٍ يَصِحُّ بِارْتِكَابِ مَجَازٍ فِي الْإِسْنَادِ مِنْ إسْنَادِ مَا لِلْحَالِّ لِلْمَحَلِّ.
(وَكُرِهَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ لِمَنْ يَتَحَلَّلُ بِعُمْرَةٍ وَهُوَ مَنْ تَمَكَّنَ مِنْ الْبَيْتِ وَفَاتَهُ الْوُقُوفُ بِأَمْرٍ غَيْرِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْعَدُوِّ وَالْفِتْنَةِ وَحَبَسَهُ ظُلْمًا وَنَائِبُ فَاعِلِ كُرِهَ (إبْقَاءُ إحْرَامِهِ) بِالْحَجِّ لِعَامٍ قَابِلٍ بِلَا تَحَلُّلٍ بِعُمْرَةٍ حَتَّى يُتِمَّ حَجَّهُ فِيهِ (إنْ قَارَبَ مَكَّةَ أَوْ دَخَلَهَا) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَأْمَنُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ مُقَارَبَةِ نِسَاءٍ وَصَيْدٍ فَتَحَلُّلُهُ أَسْلَمُ فَالْمُنَاسِبُ تَأْخِيرُ هَذَا عَنْ قَوْلِهِ أَوْ فَاتَهُ الْوُقُوفُ بِغَيْرٍ كَمَرَضٍ أَوْ خَطَأِ عَدَدٍ أَوْ حَبْسٍ بِحَقٍّ لَمْ يَحِلَّ إلَّا بِفِعْلِ عُمْرَةٍ. وَأَمَّا مَنْ يَتَحَلَّلُ بِالنِّيَّةِ وَالنَّحْرِ وَالْحَلْقِ وَهُوَ الْمُحْصَرُ عَنْهُمَا الَّذِي كَلَامُهُ الْآنَ فِيهِ فَتَحَلُّلُهُ أَفْضَلُ مُطْلَقًا وَلَوْ بَعُدَ عَنْ مَكَّةَ. ابْنُ غَازِيٍّ زَادَ أَوْ دَخَلَهَا وَإِنْ كَانَ أَحْرَى لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ تَحْرِيمُ إبْقَائِهِ إنْ دَخَلَهَا.
(وَلَا يَتَحَلَّلُ) مَنْ حُصِرَ عَنْ عَرَفَةَ وَتَمَكَّنَ مِنْ الْبَيْتِ بِعُمْرَةٍ (إنْ) بَقِيَ مُحْرِمًا حَتَّى (دَخَلَ وَقْتُهُ) أَيْ الْحَجِّ مِنْ الْعَامِ الثَّانِي لِيَسَارِهِ الْبَاقِي مِنْ الزَّمَانِ أَيْ: يُكْرَهُ تَحَلُّلُهُ وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِلْقَوْلِ الَّذِي اقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَيْهِ مِنْ مُضِيِّ تَحَلُّلِهِ وَصَيْرُورَتِهِ مُتَمَتِّعًا، وَلِلْقَوْلِ بِمُضِيِّهِ وَلَا يَصِيرُ مُتَمَتِّعًا وَالْمُنَاسِبُ لِلْقَوْلِ بِعَدَمِ مُضِيِّ تَحَلُّلِهِ مَنْعُهُ فَهَذَا أَيْضًا فِيمَنْ يَتَحَلَّلُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute