للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[منح الجليل]

ذِكْرِ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى أَنَّهُ ذَبَحَ لِصَنَمٍ مَا يَسْتَحِقُّهُ دُونَ غَيْرِهِ فِي زَعْمِهِ، وَلَامُ التَّعْلِيلِ لَا تُفِيدُ الِاسْتِحْقَاقَ وَلِذَا كَانَتْ لَامُ لِصَلِيبٍ الْآتِيَةُ تَعْلِيلَةً قَالَهُ عب الرَّمَاصِيِّ ذَكَرَهُ مِنْ الشُّرُوطِ أَنْ لَا يَذْكُرَ اسْمَ غَيْرِ اللَّهِ عَلَيْهِ فِيهِ نَظَرٌ، فَقَدْ أَجَازَ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي الْمُدَوَّنَةِ أَكْلُ مَا ذُكِرَ عَلَيْهِ اسْمُ الْمَسِيحِ مَعَ الْكَرَاهَةِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيمَا ذَكَرُوا عَلَيْهِ اسْمَ الْمَسِيحِ الْكَرَاهَةُ وَالْإِبَاحَةُ لِابْنِ حَارِثٍ عَنْ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ مَعَ رِوَايَةِ أَشْهَبَ، وَقَوْلُهُ قَائِلًا أَبَاحَ اللَّهُ تَعَالَى لَنَا ذَبَائِحَهُمْ وَعَلِمَ مَا يَفْعَلُونَ اهـ. وَسَيَقُولُ الْمُصَنِّفُ فِيمَا يُكْرَهُ وَذُبِحَ لِصَلِيبٍ أَوْ عِيسَى وَلَيْسَ تَحْرِيمُ الْمَذْبُوحِ لِلصَّنَمِ لِكَوْنِهِ ذُكِرَ عَلَيْهِ اسْمُهُ بَلْ لِكَوْنِهِ لَمْ تُقْصَدْ ذَكَاتُهُ، وَإِلَّا فَلَا فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّلِيبِ قَالَهُ التُّونُسِيُّ.

وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ فِي قَوْله تَعَالَى {وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} [الأنعام: ١٢١] ذَبَائِحُ أَهْلِ الْكِتَابِ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ فِي حُكْمِ مَا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ لَهُمْ دِينٌ شَرَعَ. وَقَالَ قَوْمٌ نُسِخَ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ حِلُّ ذِبْحِ أَهْلِ الْكِتَابِ قَالَهُ عِكْرِمَةُ وَالْحَسَنُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ، وَقَالَ فِي قَوْله تَعَالَى {وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ} [البقرة: ١٧٣] ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - الْمُرَادُ مَا ذُبِحَ لِلْأَصْنَامِ وَالْأَوْثَانِ وَأُهِلَّ مَعْنَاهُ صِيحَ وَمِنْهُ اسْتِهْلَالُ الْمَوْلُودِ، وَجَرَتْ عَادَةُ الْعَرَبِ بِالصِّيَاحِ بِاسْمِ الْمَقْصُودِ بِالذَّبِيحَةِ وَغَلَبَ فِي اسْتِعْمَالِهِمْ حَتَّى عُبِّرَ بِهِ عَنْ النِّيَّةِ الَّتِي هِيَ عِلَّةُ التَّحْلِيلِ، ثُمَّ قَالَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ ذِكْرَ اسْمِ غَيْرِ اللَّهِ لَا يُوجِبُ التَّحْرِيمَ عِنْدَ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِيهَا الَّذِي دَرَجَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فِي قَوْلِهِ وَذِبْحٍ لِصَلِيبٍ أَوْ عِيسَى وَإِنَّمَا هُوَ مَكْرُوهٌ فَقَطْ وَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ مُحَرَّمٌ اهـ.

الْبُنَانِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالصَّنَمِ كُلُّ مَا عُبِدَ مِنْ دُونِ اللَّهِ تَعَالَى بِحَيْثُ يَشْمَلُ الصَّلِيبَ وَالْمَسِيحَ وَغَيْرَهُمَا، وَأَنَّ هَذَا شَرْطٌ ثَالِثٌ فِي أَكْلِ ذَبِيحَةِ الْكِتَابِيِّ كَمَا فِي تت وز وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ أَبُو الْحَسَنِ فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ، وَصَرَّحَ بِهِ ابْنُ رُشْدٍ فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الذَّبَائِحِ، وَنَصُّهُ كَرِهَ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " مَا ذَبَحَهُ أَهْلُ الْكِتَابِ لِكَنَائِسِهِمْ وَأَعْيَادِهِمْ؛ لِأَنَّهُ رَآهُ مُضَاهِيًا لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ} [الأنعام: ١٤٥] وَلَمْ يُحَرِّمْهُ إذَا لَمْ يَرَ الْآيَةَ مُتَنَاوَلَةً لَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>