أَوْ غَيْرُ حِلٍّ لَهُ إنْ ثَبَتَ بِشَرْعِنَا،
ــ
[منح الجليل]
وَإِنَّمَا رَآهَا مُضَاهِيَةً لَهُ؛ لِأَنَّهَا عِنْدَهُ وَإِنَّمَا مَعْنَاهَا فِيمَا ذَبَحُوهُ لِآلِهَتِهِمْ مِمَّا لَا يَأْكُلُونَهُ. قَالَ وَقَدْ مَضَى هَذَا الْمَعْنَى فِي سَمَاعِ عَبْدِ الْمَلِكِ مِنْ كِتَابِ الضَّحَايَا، وَقَالَ فِي سَمَاعِ عَبْدِ الْمَلِكِ مِنْ أَشْهَبَ وَسَأَلَتْهُ عَمَّا ذُبِحَ لِلْكَنَائِسِ قَالَ لَا بَأْسَ بِأَكْلِهِ.
ابْنُ رُشْدٍ كَرِهَ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي الْمُدَوَّنَةِ أَكْلَ مَا ذَبَحُوهُ لِأَعْيَادِهِمْ وَكَنَائِسِهِمْ، وَوَجْهُ قَوْلِ أَشْهَبَ أَنَّ مَا ذَبَحُوهُ لِكَنَائِسِهِمْ لَمَّا كَانُوا يَأْكُلُونَهُ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ حَلَالًا لَنَا؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَالَ {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} [المائدة: ٥] وَإِنَّمَا تَأَوَّلَ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ} [الأنعام: ١٤٥] فِيمَا ذَبَحُوهُ لِآلِهَتِهِمْ مِمَّا يَتَقَرَّبُونَ بِهِ إلَيْهَا وَلَا يَأْكُلُونَهُ فَهَذَا حَرَامٌ عَلَيْنَا بِدَلِيلِ الْآيَتَيْنِ جَمِيعًا اهـ. فَتَبَيَّنَ أَنَّ ذِبْحَ أَهْلِ الْكِتَابِ إنْ قَصَدُوا بِهِ التَّقَرُّبَ لِآلِهَتِهِمْ فَلَا يُؤْكَلُ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَأْكُلُونَهُ فَهُوَ لَيْسَ مِنْ طَعَامِهِمْ وَلَمْ يَقْصِدُوا بِذَكَاتِهِ إبَاحَتَهُ وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ هُنَا. وَأَمَّا مَا يَأْتِي مِنْ الْمَكْرُوهِ فِي ذِبْحٍ لِصَلِيبٍ إلَخْ فَالْمُرَادُ بِهِ مَا ذَبَحُوهُ لِأَنْفُسِهِمْ وَسَمَّوْا عَلَيْهِ اسْمَ آلِهَتِهِمْ فَهَذَا يُؤْكَلُ بِكُرْهٍ؛ لِأَنَّهُ مِنْ طَعَامِهِمْ. وَفِي ابْنِ نَاجِي عَلَى الرِّسَالَةِ مَا نَصُّهُ. وَأَمَّا مَا ذُبِحَ لِلْأَصْنَامِ فَإِنَّهُ حَرَامٌ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ. ابْنُ هَارُونَ وَكَذَا عِنْدِي مَا ذُبِحَ لِلْمَسِيحِ بِخِلَافِ مَا سَمَّوْا عَلَيْهِ الْمَسِيحَ يَعْنِي فَلَا يَحْرُمُ اهـ. وَقَدْ غَابَ مَا تَقَدَّمَ عَنْ طفي فَاعْتَرَضَ عَلَى تت وَمَنْ تَبِعَهُ وَالْكَمَالُ لِلَّهِ وَحَمَلَ بَعْضُهُمْ مَا هُنَا عَلَى ذِبْحِ الْمَجُوسِيِّ وَمَا يَأْتِي عَلَى ذِبْحِ أَهْلِ الْكِتَابِ لِمَا ذَكَرُوهُ مِنْ أَنَّ الصَّنَمَ لِلْمَجُوسِ وَالصَّلِيبَ لِلنَّصَارَى، وَهَذَا وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا فِي نَفْسِهِ لَكِنَّ الْحَمْلَ الْأَوَّلَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ ذَبْحَ الْمَجُوسِيِّ يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ يُنَاكِحُ وَلِأَنَّهُ إنْ حُمِلَ عَلَيْهِ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ فَإِنَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ التَّفْصِيلِ الْمُفِيدِ لِلشَّرْطِ الثَّالِثِ فِي أَكْلِ ذَبِيحَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَوْلُهُ بِأَنْ قَالَ بِاسْمِ الصَّنَمِ إلَخْ غَيْرُ صَوَابٍ وَكَانَ حَقُّهُ لَوْ قَالَ بِأَنْ قَصَدَ بِهِ التَّقَرُّبَ إلَيْهِ كَمَا تَقَدَّمَ. وَأَمَّا مُجَرَّدُ ذِكْرِ الِاسْمِ عَلَيْهِ فَلَا يُحَرِّمُهُ وَهُوَ الْمُرَادُ بِمَا يَأْتِي ذَكَرَ مَعَهُ اسْمَ اللَّهِ أَمْ لَا.
وَلَمَّا كَانَ فِي مَفْهُومِ مُسْتَحِلِّهِ تَفْصِيلٌ بَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ (أَوْ) مَا ذَبَحَهُ أَوْ نَحَرَهُ الْكِتَابِيُّ مِنْ كُلِّ حَيَوَانٍ (غَيْرِ حِلٍّ لَهُ) أَيْ الْيَهُودِيِّ فِي زَعْمِهِ (إنْ ثَبَتَ) تَحْرِيمُهُ عَلَيْهِ الْمَنْسُوخُ (بِشَرْعِنَا)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute