وَإِلَّا كُرِهَ كَجِزَارَتِهِ، وَبَيْعٍ، وَإِجَارَةٍ لِعَبْدِهِ، وَشِرَاءِ ذِبْحِهِ،
ــ
[منح الجليل]
وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ} [الأنعام: ١٤٦] الْأَنْعَامُ، فَيَحْرُمُ عَلَيْنَا أَنْ نَأْكُلَ مَا ذَبَحَهُ مِنْ ذَلِكَ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَى إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْمُرَادَ شَرْعُنَا أَخْبَرَ عَنْ شَرْعِهِمْ بِأَنَّهُ حَرَّمَ عَلَيْهِمْ كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَهِيَ الْإِبِلُ، وَحُمُرُ الْوَحْشِ وَالنَّعَامُ وَالْإِوَزُّ لَا الدَّجَاجُ وَكُلُّ مَا لَيْسَ مَشْقُوقَ الظِّلْفِ وَلَا مُنْفَرِجَ الْقَوَائِمِ، بِخِلَافِ مَشْقُوقِهَا كَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ وَالظِّبَاءِ كَمَا فِي ابْنِ عَرَفَةَ فِي قَوْله تَعَالَى {وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ} [الأنعام: ١٤٦] أَيْ: حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ فِي شَرِيعَةِ نَبِيِّهِمْ.
(وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ تَحْرِيمُهُ عَلَيْهِمْ بِشَرْعِنَا أَيْ: وَلَمْ يُخْبِرْ شَرْعُنَا بِأَنَّهُ حَرَّمَ عَلَيْهِمْ وَإِنَّمَا هُمْ الَّذِينَ أَخْبَرُوا أَنَّ شَرْعَهُمْ حَرَّمَ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ كَالطَّرِيقَةِ وَهِيَ فَاسِدَةُ الرِّئَةِ أَيْ: مُلْتَصِقَتُهَا بِظَهْرِ الْحَيَوَانِ (كُرِهَ) لَنَا أَكْلُهُ وَشِرَاؤُهُ فَإِخْبَارُ شَرْعِنَا لَهُ تَأْثِيرٌ فِي حَقِّنَا فِي حُرْمَةِ مُذَكَّاةٍ عَلَيْنَا. وَلَيْسَ الدَّجَاجُ مِنْ ذِي الظُّفُرِ؛ لِأَنَّهُ مَشْقُوقُ الْأَصَابِعِ فَيُبَاحُ لَنَا أَكْلُهُ بِذَبْحِ الْيَهُودِيِّ.
وَشَبَّهَ فِي الْكَرَاهَةِ فَقَالَ (كَجِزَارَتِهِ) بِكَسْرِ الْجِيمِ أَيْ: يُكْرَهُ لِلْإِمَامِ أَنْ يُقِيمَ الْكَافِرَ جَزَّارًا أَيْ: ذَبَّاحًا لِلْمُسْلِمِينَ مَا يَسْتَحِلُّهُ يَبِيعُهُ لِعَدَمِ نُصْحِهِ لَهُمْ، وَالْجَزَّارُ الذَّابِحُ وَاللَّحَّامُ بَائِعُ اللَّحْمِ وَالْقَصَّابُ كَاسِرُ الْعَظْمِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُرَادَ هُنَا مَا يَعُمُّ الْجَمِيعَ، وَإِمَّا مَا بِضَمِّ الْجِيمِ فَأَطْرَافُ الْحَيَوَانِ يَدَاهُ وَرِجْلَاهُ وَرَأْسُهُ، وَسَوَاءٌ كَانَتْ جِزَارَتُهُ فِي الْأَسْوَاقِ أَوْ الْبُيُوتِ بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ اسْتِنَابَتِهِ فِي الذِّبْحِ، وَيُكْرَهُ بَيْعُهُ فِي أَسْوَاقِ الْمُسْلِمِينَ وَالشِّرَاءُ مِنْهُ وَكَوْنُهُ صَيْرَفِيًّا لِذَلِكَ.
(وَ) كُرِهَ لِمُسْلِمٍ (بَيْعٌ) لِلْكَافِرِ شَيْئًا (وَإِجَارَةٌ) لِلْكَافِرِ شَيْئًا (لِعَبْدِهِ) أَيْ الْكَافِرِ وَنَحْوِهِ مِمَّا يَظْهَرُ بِهِ دِينُهُ (وَ) كُرِهَ لِمُسْلِمٍ (شِرَاءُ ذِبْحِهِ) أَيْ الْكَافِرِ لِنَفْسِهِ مُسْتَحِلُّهُ لَا أَكْلُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} [المائدة: ٥] الْمَائِدَةُ وَجُمْهُورُ الْمُفَسِّرِينَ عَلَى تَفْسِيرِ الطَّعَامِ بِالذَّبِيحَةِ سَوَاءٌ كَانَ يُبَاحُ بِشَرْعِهِ، أَمْ يَحْرُمُ إنْ كَانَ بِمُجَرَّدِ إخْبَارِهِ كَالطَّرِيقَةِ وَأَمَّا مَا ثَبَتَ أَنَّهُ كَانَ يَحْرُمُ عَلَيْهِ بِشَرْعِنَا كَذِي الظُّفُرِ لِلْيَهُودِيِّ فَيَحْرُمُ أَكْلُهُ وَشِرَاؤُهُ وَيُفْسَخُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute