للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَتَسَلُّفِ ثَمَنِ خَمْرٍ، وَبَيْعٍ بِهِ، لِأَخْذِهِ قَضَاءً، وَشَحْمِ يَهُودِيٍّ،

ــ

[منح الجليل]

(وَ) كُرِهَ لِمُسْلِمٍ (تَسَلُّفُ ثَمَنِ خَمْرٍ) مِنْ كَافِرٍ ذِمِّيٍّ أَوْ حَرْبِيٍّ بَاعَهَا الذِّمِّيُّ أَوْ حَرْبِيٌّ أَوْ مُسْلِمٌ لَكِنْ ثَمَنُهَا مِنْ مُسْلِمٍ أَشَدُّ كَرَاهَةً لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ إذَا أَسْلَمَ الْكَافِرُ فَيَتَصَدَّقُ بِثَمَنِ الْخَمْرِ إنْ لَمْ يَقْبِضْهُ، فَإِنْ قَبَضَهُ أَيْ قَبْلَ إسْلَامِهِ كَانَ لَهُ وَلِسَحْنُونٍ يَتَصَدَّقُ بِهِ مُطْلَقًا وَمَفْهُومُ مِنْ كَافِرٍ أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ لِمُسْلِمٍ فَبَاعَهَا فَيَحْرُمُ تَسَلُّفُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا لِيَمْلِكَهَا إذْ يَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّ ثَمَنِهَا وَإِرَاقَتُهَا.

(وَ) كُرِهَ لِمُسْلِمٍ (بَيْعٌ) لِكَافِرٍ شَيْئًا (بِهِ) أَيْ: ثَمَنِ الْخَمْرِ (لَا) يُكْرَهُ لِلْمُسْلِمِ (أَخْذُهُ) أَيْ: ثَمَنُ الْخَمْرِ مِنْ كَافِرٍ (قَضَاءً) عَنْ دَيْنٍ عَلَيْهِ لِلْمُسْلِمِ أَوْ عَنْ جِزْيَةٍ لِتَقَدُّمِ سَبَبِهِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ أَشَارَ لَهُ أَبُو الْحَسَنِ وَيُكْرَهُ قَبُولُ هِبَةٍ وَالصَّدَقَةُ بِهِ. وَاخْتُلِفَ فِي الْمَالِ الْمُكْتَسَبِ مِنْ حَرَامٍ كَرِبًا وَمُعَامَلَةٍ فَاسِدَةٍ إذَا مَاتَ مُكْتَسِبُهُ عَنْهُ فَهَلْ يَحِلُّ لِلْوَارِثِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ أَمْ لَا، وَأَمَّا عَيْنُ الْحَرَامِ الْمَعْلُومِ مُسْتَحَقَّةٌ كَالْمَسْرُوقِ وَالْمَغْصُوبِ فَلَا يَحِلُّ لَهُ وَسَيَأْتِي فِي الْغَصْبِ، وَوَارِثُهُ إنْ عَلِمَ كَهُوَ وَقَوْلُهُمْ الْحَرَامُ لَا يَتَعَلَّقُ بِذِمَّتَيْنِ لَيْسَ مَذْهَبَنَا.

(وَ) كُرِهَ لِمُسْلِمٍ أَكْلُ (شَحْمِ يَهُودِيٍّ) مِنْ بَقَرٍ أَوْ غَنَمٍ بِشِرَاءٍ أَوْ هِبَةٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا} [الأنعام: ١٤٦] . فَإِنْ عَزَلَهُ كُرِهَ لَنَا أَكْلُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الذَّكَاةَ تَتَبَعَّضُ وَلَمْ يَحْرُمْ عَلَيْنَا مَعَ ثُبُوتِ تَحْرِيمِهِ بِكِتَابِنَا أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ جُزْءٌ مُذَكًّى وَالْمُذَكَّى حَلَالٌ لَهُمْ فَقَدْ ذَبَحَ مُسْتَحِلَّهُ، لَكِنْ لِحُرْمَةِ شَحْمِهِ عَلَيْهِ كُرِهَ لَنَا أَكْلُهُ وَهُوَ الشَّحْمُ الْخَالِصُ كَالثَّرَبِ بِفَتْحِ الْمُثَلَّثِ وَالرَّاءِ شَحْمٌ رَقِيقٌ يَغْشَى الْكَرِشَ، وَالْأَمْعَاءَ وَالْقِطْنَةَ بِكَسْرِ الطَّاءِ كَمَعِدَةٍ الَّتِي مَعَ الْكَرِشِ وَهِيَ ذَاتُ الْأَطْبَاقِ الَّتِي تُسَمِّيهَا الْعَامَّةُ رُمَّانَةً لَا مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ أَوْ لَحْمٍ وَلَا الْحَوَايَا وَهِيَ الْأَمْعَاءُ وَالْمَبَاعِرُ بَنَاتُ اللِّينِ أَفَادَهُ عب. الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ عَلَى أَنَّ الذَّكَاةَ تَتَبَعَّضُ هَكَذَا بِالْإِثْبَاتِ فِيمَا رَأَيْته مِنْ النُّسَخِ وَالصَّوَابُ لَا تَتَبَعَّضُ بِالنَّفْيِ، وَلِمَا ذَكَرَ فِي الْبَيَانِ فِي شُحُومِ الْيَهُودِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: الْإِجَازَةَ وَالْكَرَاهَةَ وَالْمَنْعَ وَأَنَّهَا تَرْجِعُ إلَى قَوْلَيْنِ: الْمَنْعُ وَالْإِجَازَةُ؛ لِأَنَّ الْكَرَاهَةَ مِنْ قَبِيلِ الْإِجَازَةِ قَالَ: وَالْأَصْلُ فِي هَذَا اخْتِلَافُهُمْ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} [المائدة: ٥] ، هَلْ الْمُرَادُ بِذَلِكَ ذَبَائِحُهُمْ أَوْ مَا يَأْكُلُونَ فَمَنْ ذَهَبَ

<<  <  ج: ص:  >  >>