وَضَمِنَ مَارٌّ أَمْكَنَتْ ذَكَاتُهُ، وَتَرَكَ
ــ
[منح الجليل]
وَاسْتَدَلَّ بِهِ بَعْضُ شُرَّاحِ الْمُدَوَّنَةِ عَلَى أَنَّ صَاحِبَ الدَّارِ وَالْخَرَابِ لَا يَسْتَحِقُّ مَا فِيهَا مِنْ الصَّيْدِ، وَالْمُرَادُ بِرَبِّ الدَّارِ مَالِكُ ذَاتِهَا وَلَوْ حُكْمًا كَالْوَاقِفِ وَنَاظِرِ الْوَقْفِ فِي الْبُيُوتِ الْمُرْصَدَةِ عَلَى عَمَلٍ فَمَا يَقَعُ فِيهَا مِنْ الصَّيْدِ فَهُوَ لِلْوَاقِفِ أَوْ النَّاظِرِ وَصَرْفُهُ فِي مَصَالِحِ الْوَقْفِ لَا لِمَنْ أَرْصَدَ عَلَيْهِ الْبَيْتَ قَالَهُ عج وَأَوْلَى غَيْرُ الْمُرْصَدَةِ مِنْ مَوْقُوفَةٍ عَلَى مُطْلَقِ مَصَالِحِ الْوَقْفِ اهـ عب. الْبُنَانَةُ قَوْلُهُ وَاسْتَدَلَّ بِهِ بَعْضُ شُرَّاحِ الْمُدَوَّنَةِ إلَخْ بَحَثَ فِيهِ بِأَنَّهُ لَا دَلِيلَ فِيهِ عَلَى الْمُدَّعِي، وَقَدْ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ فِيمَنْ اكْتَرَى أَرْضًا وَجَرَّ السَّيْلُ الْحَرْثَ إلَيْهَا أَنَّهُ لِرَبِّ الْأَرْضِ دُونَ الْمُكْتَرِي، وَتَأَمَّلْ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ فِي الْمَوَّاقِ وَهَلْ فِي أَرْضِ الْعَنْوَةِ فَقَطْ إلَخْ، وَحِينَئِذٍ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الدَّارِ الْمَسْكُونَةِ وَالْخَرَابِ. ابْنُ غَازِيٍّ قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَطْرُدَهُ لَهَا فَلِرَبِّهَا سَقَطَ لَا فِي كَثِيرٍ مِنْ النُّسَخِ وَهُوَ إفْسَادٌ وَمُخَالِفٌ لِمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ إذْ قَالَ فِيهَا وَمَنْ طَرَدَ صَيْدًا حَتَّى دَخَلَ دَارَ قَوْمٍ فَإِنْ اضْطَرَّهُ هُوَ أَوْ جَارِحُهُ إلَيْهَا فَهُوَ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَضْطَرَّهُ وَكَانُوا قَدْ بَعُدُوا عَنْهَا فَهُوَ لِرَبِّ الدَّارِ، وَفِي بَعْضِ نُسَخِ هَذَا الْمُخْتَصَرِ إلَّا أَنْ لَا يَضْطَرَّهُ كَلَفْظِ الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الطَّرْدَ يُوهِمُ الِاخْتِصَاصَ بِمَا كَانَ مَقْصُودًا بِخِلَافِ الِاضْطِرَارِ بِدَلِيلِ نِسْبَتِهِ فِيهَا إلَى الْجَارِحِ.
(وَضَمِنَ) بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ مُخَفَّفًا أَيْ: غَرِمَ قِيمَةَ الصَّيْدِ مَجْرُوحًا عَلَى الْمَنْصُوصِ شَخْصٌ (مَارٌّ) بِهِ غَيْرَ مَنْفُوذِ مَقْتَلٍ (أَمْكَنَتْهُ) أَيْ: الْمَارَّ (ذَكَاتُهُ) أَيْ الصَّيْدِ بِوُجُودِ آلَتِهَا وَعِلْمِهِ بِصِفَتِهَا وَهُوَ مِمَّنْ تَصِحُّ ذَكَاتُهُ (وَتَرَكَ) الْمَارُّ ذَكَاتَهُ وَمَاتَ الصَّيْدُ قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَهُ رَبُّهُ لِتَفْوِيتِهِ عَلَى رَبِّهِ لِتَنْزِيلِهِ مَنْزِلَتَهُ، وَلَوْ كَانَ الْمَارُّ صَبِيًّا؛ لِأَنَّهُ مِنْ خِطَابِ الْوَضْعِ وَلَا يُؤْكَلُ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ أَكَلَهُ رَبُّهُ مُعْتَقِدًا أَنَّهُ مُذَكًّى، وَهُوَ كَذَلِكَ لِأَكْلِهِ مَيْتَةً لَا قِيمَةَ لَهَا بِخِلَافِ أَكْلِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ مَالُهُ الْمَغْصُوبُ ضِيَافَةً فَلَا يَضْمَنُهُ الْغَاصِبُ لِأَكْلِهِ مُتَمَوَّلًا كَمَا سَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْغَصْبِ قَالَهُ عج بَحْثًا. وَبَحَثَ بَعْضُ شُيُوخِ أَحْمَدَ أَنَّ الْمَارَّ لَا يَضْمَنُ الصَّيْدَ إذَا أَكَلَهُ رَبُّهُ أَخْذًا مِمَّا فِي الْغَصْبِ، قَالَ وَلَا يُقَالُ لَمْ يَأْكُلْ حَلَالًا هُنَا بِخِلَافِ مَا فِي الْغَصْبِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ هُوَ حَلَالٌ فِي الظَّاهِرِ وَهُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ الَّذِي يَنْبَغِي اعْتِمَادُهُ، وَالْمُرَادُ إمْكَانُهَا شَرْعًا وَعَادَةً، فَاحْتَرَزَ بِالْأَوَّلِ عَنْ مُرُورِ مَنْ لَا تَصِحُّ ذَكَاتُهُ كَمَجُوسِيٍّ وَمُرْتَدٍّ وَمُسْتَحِلِّ بَيِّنَةٍ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، بَلْ لَوْ ذَكَّاهُ لَضَمِنَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute