كَتَرْكِ تَخْلِيصِ مُسْتَهْلَكٍ مِنْ نَفْسٍ أَوْ مَالٍ بِيَدِهِ
ــ
[منح الجليل]
وَلِلثَّانِي عَنْ مُرُورِ مَنْ لَا آلَةَ مَعَهُ وَالْمَارُّ الْكِتَابِيُّ كَالْمُسْلِمِ؛ لِأَنَّهُ ذَبْحٌ لَا عَقْرٌ وَلَا يَأْتِي فِيهِ الْخِلَافُ الْمُتَقَدِّمُ فِي ذَبْحِ كِتَابِيٍّ لِمُسْلِمٍ؛ لِأَنَّهُ هُنَا لِحِفْظِ مَالِ الْغَيْرِ وَهُوَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ اهـ عبق. قَوْلُهُ وَلَا يَأْتِي فِيهِ الْخِلَافُ إلَخْ فِيهِ نَظَرٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ كَالْمُسْلِمِ إلَّا عَلَى الْقَوْلِ بِصِحَّةِ ذَكَاتِهِ إذْ لَا يَظْهَرُ حِفْظُ مَالِ الْغَيْرِ إلَّا حِينَئِذٍ أَفَادَهُ ابْنُ الْأَمِيرِ مُرَادُ عب أَنَّ الْخِلَافَ مَحَلُّهُ عِنْدَ وُجُودِ غَيْرِهِ أَمَّا إنْ وُجِدَ هُوَ فَقَطْ فَالصِّحَّةُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا نَظَرًا لِوَاجِبِ حِفْظِ مَالِ الْغَيْرِ وَلَا يَجْتَمِعُ وُجُوبٌ وَفَسَادٌ نَظِيرُ خِلَافِ السِّنِّ وَالظُّفْرِ، وَأَمْثَالِ ذَلِكَ فَسَقَطَ مَا نُوقِشَ بِهِ مِنْ أَنَّهُ عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ يَكُونُ الْكِتَابِيُّ بِالنِّسْبَةِ لِمِلْكِ الْمُسْلِمِ كَالْمَجُوسِيِّ فَلَا حِفْظَ بِتَذْكِيَتِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ بِتَرْكِهَا. اهـ. بِتَصَرُّفٍ وَكَلَامُهُ هُنَا فِي الصَّيْدِ كَمَا مَرَّ، وَأَمَّا الْمَارُّ عَلَى غَيْرِهِ وَخَافَ مَوْتَهُ فَإِنْ كَانَ لَهُ فِيهِ أَمَانَةُ رِعَايَةٍ فَسَيَقُولُ، وَصُدِّقَ إنْ ادَّعَى خَوْفَ مَوْتٍ فَنَحَرَ أَيْ: أَوْ ذَبَحَ، وَإِنْ كَانَتْ أَمَانَتُهُ بِوَدِيعَةٍ ضَمِنَهُ بِذَبْحِهِ إلَّا لِقَرِينَةٍ عَلَى صِدْقِهِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ فِيهِ أَمَانَةٌ ضَمِنَهُ، وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ أَنَّهُ خَافَ مَوْتَهُ إلَّا بِدَلِيلٍ عَلَى صِدْقِهِ أَفَادَهُ عب.
الْبُنَانِيُّ ابْنُ الْحَاجِبِ لَوْ مَرَّ إنْسَانٌ بِصَيْدٍ وَأَمْكَنَتْهُ الذَّكَاةُ وَتَرَكَهَا فَالْمَنْصُوصُ لَا يُؤْكَلُ وَفِي ضَمَانِ الْمَارِّ قَوْلَانِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ التَّرْكَ كَالْفِعْلِ أَوْ لَا ضَيْح أَيْ الْمَنْصُوصُ لِابْنِ الْمَوَّازِ، وَأَجْرَى ابْنُ مُحْرِزٍ وَغَيْرُهُ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ فِي تَضْمِينِهِ قَوْلَيْنِ مِنْ الْخِلَافِ فِي التَّرْكِ هَلْ هُوَ كَالْفِعْلِ أَوْ لَا أَيْ: هَلْ تَرْكُهُ كَفِعْلِ التَّفْوِيتِ أَمْ لَا، قِيلَ وَعَلَى نَفْيِ الضَّمَانِ فَيَأْكُلُهُ رَبُّهُ وَاخْتَارَ اللَّخْمِيُّ نَفْيَ الضَّمَانِ قَالَ: وَإِنْ كَانَ جَهِلَ وَظَنَّ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُذَكِّيَهُ كَانَ أَبْيَنَ فِي نَفْيِ ضَمَانِهِ، وَلَوْ مَرَّ بِشَاةٍ وَخَشِيَ مَوْتَهَا وَلَمْ يَذْبَحْهَا وَمَاتَتْ فَلَا يَضْمَنُهَا؛ لِأَنَّهُ يَخْشَى أَنَّهُ لَا يُصَدِّقُهُ رَبُّهَا فِي خَوْفِهِ مَوْتَهَا وَيُضَمِّنُهُ وَلَيْسَتْ كَالصَّيْدِ؛ لِأَنَّهُ يُرَادُ لِذَبْحِهِ اهـ.
وَشَبَّهَ فِي الضَّمَانِ فَقَالَ (كَتَرْكِ تَخْلِيصِ) شَيْءٍ (مُسْتَهْلَكٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ اللَّامِ أَيْ: مُعَرَّضٍ لِلْهَلَاكِ (مِنْ نَفْسٍ أَوْ مَالٍ) لِغَيْرِ تَارِكِ التَّخْلِيصِ، وَسَوَاءٌ قَدَرَ عَلَى تَخْلِيصِهِ (بِيَدِهِ) أَيْ: قُدْرَتُهُ وَلَوْ بِلِسَانِهِ أَوْ جَاهِهِ أَوْ مَالِهِ فَيَضْمَنُ فِي النَّفْسِ الْعَاقِلَةِ الْحُرَّةِ دِيَةَ خَطَأٍ وَلَوْ تَرَكَ التَّخْلِيصَ عَمْدًا ذَكَرَهُ أَحْمَدُ، وَفِي الْإِرْشَادِ مَا يَحْتَمِلُ ضَمَانَ دِيَةِ عَمْدٍ فِي التَّرْكِ عَمْدًا وَإِلَّا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute