لأم ورقة أَنْ تَؤُمَّ أَهْلَ دَارِهَا، وَجَعَلَ لَهَا مُؤَذِّنًا» ، وَتَتَأَخَّرُ خَلْفَهُمْ وَإِنْ كَانُوا مَأْمُومِينَ بِهَا، لِلْحَاجَةِ، وَهُوَ حُجَّةٌ لِمَنْ يُجَوِّزُ تَقَدُّمَ الْمَأْمُومِ لِحَاجَةٍ، هَذَا مَعَ مَا رُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ قَوْلِهِ: " «لَا تَؤُمَّنَّ امْرَأَةٌ رَجُلًا» "، وَأَنَّ الْمَنْعَ مِنْ إِمَامَةِ الْمَرْأَةِ بِالرِّجَالِ قَوْلُ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ.
وَلِهَذَا الْأَصْلِ اسْتَعْمَلَ أحمد مَا اسْتَفَاضَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ قَوْلِهِ فِي الْإِمَامِ: " «إِذَا صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا أَجْمَعُونَ» " وَأَنَّهُ عَلَّلَ ذَلِكَ بِأَنَّهُ يُشْبِهُ قِيَامَ الْأَعَاجِمِ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ، فَسَقَطَ عَنِ الْمَأْمُومِينَ الْقِيَامُ لِمَا فِي الْقِيَامِ مِنَ الْمَفْسَدَةِ الَّتِي أَشَارَ إِلَيْهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مُخَالَفَةِ الْإِمَامِ وَالتَّشَبُّهِ بِالْأَعَاجِمِ فِي الْقِيَامِ لَهُ، وَكَذَلِكَ عَمِلَ أَئِمَّةُ الصَّحَابَةِ بَعْدَهُ لَمَّا اعْتَلُّوا فَصَلَّوْا قُعُودًا وَالنَّاسُ خَلْفَهُمْ قُعُودٌ كَأُسَيْدِ بْنِ الْحُضَيْرِ.
وَلَكِنْ كُرِهَ هَذَا لِغَيْرِ الْإِمَامِ الرَّاتِبِ؛ إِذْ لَا حَاجَةَ إِلَى نَقْصِ الصَّلَاةِ فِي الِائْتِمَامِ بِهِ؛ وَلِهَذَا كَرِهَهُ أَيْضًا إِذَا مَرِضَ الْإِمَامُ الرَّاتِبُ مَرَضًا مُزْمِنًا؛ لِأَنَّهُ يَتَعَيَّنُ حِينَئِذٍ انْصِرَافُهُ عَنِ الْإِمَامَةِ، وَلَمْ يَرَ هَذَا مَنْسُوخًا بِكَوْنِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَرَضِهِ صَلَّى فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ قَاعِدًا وَهُمْ قِيَامٌ؛ لِعَدَمِ الْمُنَافَاةِ بَيْنَ مَا أَمَرَ بِهِ وَبَيْنَ مَا فَعَلَهُ؛ وَلِأَنَّ الصَّحَابَةَ فَعَلُوا مَا أَمَرَ بِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ مَعَ شُهُودِهِمْ لِفِعْلِهِ، فَيُفَرَّقُ بَيْنَ الْقُعُودِ مِنْ أَوَّلِ الصَّلَاةِ وَالْقُعُودِ فِي أَثْنَائِهَا، إِذْ يَجُوزُ الْأَمْرَانِ جَمِيعًا؛ إِذْ لَيْسَ فِي الْفِعْلِ تَحْرِيمٌ لِلْمَأْمُورِ بِهِ بِحَالٍ، مَعَ مَا فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ مِنَ الْكَلَامِ الدَّقِيقِ الَّذِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute