فَنَقَصُوا عَمَّا حَرَّمَهُ أَهْلُ الْكُوفَةِ مِنَ الْأَطْعِمَةِ، كَمَا زَادُوا عَلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ فِي الْأَشْرِبَةِ؛ لِأَنَّ النُّصُوصَ الدَّالَّةَ عَلَى تَحْرِيمِ الْأَشْرِبَةِ الْمُسْكِرَةِ أَكْثَرُ مِنَ النُّصُوصِ الدَّالَّةِ عَلَى تَحْرِيمِ الْأَطْعِمَةِ.
وَلِأَهْلِ الْمَدِينَةِ سَلَفٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ فِي اسْتِحْلَالِ مَا أَحَلُّوهُ أَكْثَرُ مِنْ سَلَفِ أَهْلِ الْكُوفَةِ فِي اسْتِحْلَالِ الْمُسْكِرِ، وَالْمَفَاسِدُ النَّاشِئَةُ مِنَ الْمُسْكِرِ أَعْظَمُ مِنْ مَفَاسِدِ خَبَائِثِ الْأَطْعِمَةِ، وَلِهَذَا سُمِّيَتِ الْخَمْرُ " أُمَّ الْخَبَائِثِ " كَمَا سَمَّاهَا عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَغَيْرُهُ، وَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِجَلْدِ شَارِبِهَا، وَفَعَلَهُ هُوَ وَخُلَفَاؤُهُ، وَأَجْمَعَ عَلَيْهِ الْعُلَمَاءُ، دُونَ الْمُحَرَّمَاتِ مِنَ الْأَطْعِمَةِ فَإِنَّهُ لَمْ [يَحُدَّ] فِيهَا أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَّا مَا بَلَغَنَا عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، بَلْ قَدْ أَمَرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَتْلِ شَارِبِ الْخَمْرِ فِي الثَّالِثَةِ أَوِ الرَّابِعَةِ، وَإِنْ كَانَ الْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ مَنْسُوخٌ. وَنَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيمَا صَحَّ عَنْهُ - عَنْ تَخْلِيلِ الْخَمْرِ وَأَمَرَ بِشَقِّ ظُرُوفِهَا وَكَسْرِ دِنَانِهَا، وَإِنْ كَانَ قَدِ اخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ عَنْ أَحْمَدَ: هَلْ هَذَا بَاقٍ أَوْ مَنْسُوخٌ؟
[الوضوء من لحوم الإبل]
وَلَمَّا كَانَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى إِنَّمَا حَرَّمَ الْخَبَائِثَ لِمَا فِيهَا مِنَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute