كمالك قَالُوا: يُلَبِّي إِلَى أَنْ يَصِلَ إِلَى الْحَرَمِ، فَإِنَّهُ وَإِنْ وَصَلَ إِلَيْهِ فَإِنَّهُ مَدْعُوٌّ إِلَى الْبَيْتِ.
نَعَمْ يُسْتَفَادُ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى: أَنَّهُ إِنَّمَا يُلَبِّي حَالَ سَيْرِهِ، لَا حَالَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَمُزْدَلِفَةَ وَحَالَ الْمَبِيتِ بِهَا. وَهَذَا مِمَّا اخْتَلَفَ فِيهِ أَهْلُ الْحَدِيثِ.
فَأَمَّا التَّلْبِيَةُ حَالَ السَّيْرِ مِنْ عَرَفَةَ إِلَى مُزْدَلِفَةَ، وَمِنْ مُزْدَلِفَةَ إِلَى مِنًى: فَاتَّفَقَ مَنْ جَمَعَ الْأَحَادِيثَ الصَّحِيحَةَ عَلَيْهِ.
[أَكْلِ الْمُحْرِمِ لَحْمَ الصَّيْدِ الَّذِي صَادَهُ الْحَلَالُ وَذَكَّاهُ]
وَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِي أَكْلِ الْمُحْرِمِ لَحْمَ الصَّيْدِ الَّذِي صَادَهُ الْحَلَالُ وَذَكَّاهُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ:
فَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنَ السَّلَفِ: هُوَ حَرَامٌ، اتِّبَاعًا لِمَا فَهِمُوهُ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} [المائدة: ٩٦] [الْمَائِدَةِ: ٩٦] . وَلِمَا ثَبَتَ «عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ أَنَّهُ رَدَّ لَحْمَ الصَّيْدِ لَمَّا أُهْدِيَ إِلَيْهِ» .
وَقَالَ آخَرُونَ، مِنْهُمْ أبو حنيفة: بَلْ هُوَ مُبَاحٌ مُطْلَقًا، عَمَلًا بِحَدِيثِ أبي قتادة لَمَّا صَادَ الْحِمَارَ الْوَحْشِيَّ، وَأَهْدَى لَحْمَهُ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَخْبَرَهُ بِأَنَّهُ لَمْ يَصِدْهُ لَهُ، كَمَا جَاءَ فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ.
وَقَالَتِ الطَّائِفَةُ الثَّالِثَةُ الَّتِي فِيهَا فُقَهَاءُ الْحَدِيثِ: بَلْ هُوَ مُبَاحٌ لِلْمُحْرِمِ إِذَا لَمْ يَصِدْهُ لَهُ الْمُحْرِمُ، وَلَا ذَبَحَهُ مِنْ أَجْلِهِ، تَوْفِيقًا بَيْنَ الْأَحَادِيثِ، كَمَا رَوَى جابر عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «لَحْمُ صَيْدِ الْبَرِّ لَكُمْ حَلَالٌ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute