بِحَيْثُ يَكُونُ لِلْأَبِ كَالْمُبَاحَاتِ الَّتِي تُمْلَكُ بِالِاسْتِيلَاءِ، وَمِلْكُ الِابْنِ ثَابِتٌ عَلَيْهِ، بِحَيْثُ يَتَصَرَّفُ فِيهِ تَصَرُّفًا مُطْلَقًا.
فَإِذَا كَانَ الْمِلْكُ يَتَنَوَّعُ أَنْوَاعًا، وَفِيهِ مِنَ الْإِطْلَاقِ وَالتَّقْيِيدِ مَا وَصَفْتُهُ وَمَا لَمْ أَصِفْهُ، لَمْ يَمْتَنِعْ أَنْ يَكُونَ ثُبُوتُ ذَلِكَ مُفَوَّضًا إِلَى الْإِنْسَانِ يَثْبُتُ مِنْهُ مَا رَأَى فِيهِ مَصْلَحَةً لَهُ، وَيَمْتَنِعُ مِنْ إِثْبَاتِ مَا لَا مَصْلَحَةَ لَهُ فِيهِ. وَالشَّارِعُ لَا يَحْظُرُ عَلَى الْإِنْسَانِ إِلَّا مَا فِيهِ فَسَادٌ رَاجِحٌ أَوْ مَحْضٌ. فَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ فَسَادٌ، أَوْ كَانَ فَسَادُهُ مَغْمُورًا بِالْمَصْلَحَةِ لَمْ يَحْظُرْهُ أَبَدًا.
[فَصْلٌ الْقَاعِدَةُ الرَّابِعَةُ الشَّرْطَ الْمُتَقَدِّمَ عَلَى الْعَقْدِ بِمَنْزِلَةِ الْمُقَارِنِ لَهُ]
فَصْلٌ
الْقَاعِدَةُ الرَّابِعَةُ: أَنَّ الشَّرْطَ الْمُتَقَدِّمَ عَلَى الْعَقْدِ بِمَنْزِلَةِ الْمُقَارِنِ لَهُ فِي ظَاهِرِ مَذْهَبِ فُقَهَاءِ الْحَدِيثِ أحمد وَغَيْرِهِ، وَمَذْهَبِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مالك وَغَيْرِهِ. وَهُوَ قَوْلٌ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ نَصَّ عَلَيْهِ فِي صَدَاقِ السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ، وَنَقَلُوهُ إِلَى شَرْطِ التَّحْلِيلِ الْمُتَقَدِّمِ وَغَيْرِهِ. وَإِنْ كَانَ الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِهِ وَمَذْهَبِ أبي حنيفة: أَنَّ الْمُتَقَدِّمَ لَا يُؤَثِّرُ، بَلْ يَكُونُ كَالْوَعْدِ الْمُطْلَقِ عِنْدَهُمْ، يُسْتَحَبُّ الْوَفَاءُ بِهِ، وَهُوَ قَوْلٌ فِي مَذْهَبِ أحمد، قَدْ يَخْتَارُهُ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، كَاخْتِيَارِ بَعْضِهِمْ: أَنَّ التَّحْلِيلَ الْمَشْرُوطَ قَبْلَ الْعَقْدِ لَا يُؤَثِّرُ إِلَّا أَنْ يَنْوِيَهُ الزَّوْجُ وَقْتَ الْعَقْدِ، وَقَوْلِ طَائِفَةٍ كَثِيرَةٍ بِمَا نَقَلُوهُ عَنْ أحمد مِنْ أَنَّ الشَّرْطَ الْمُتَقَدِّمَ عَلَى الْعَقْدِ فِي الصَّدَاقِ لَا يُؤَثِّرُ، وَإِنَّمَا يُؤَثِّرُ تَسْمِيَتُهُ فِي الْعَقْدِ. وَمِنْ أَصْحَابِ أحمد طَائِفَةٌ - كَالْقَاضِي أبي يعلى - يُفَرِّقُونَ بَيْنَ الشَّرْطِ الْمُتَقَدِّمِ الرَّافِعِ لِمَقْصُودِ الْعَقْدِ، وَالْمُقَيِّدِ لَهُ. فَإِنْ كَانَ رَافِعًا - كَالْمُوَاطَأَةِ عَلَى كَوْنِ الْعَقْدِ تَلْجِئَةً أَوْ تَحْلِيلًا - أَبْطَلَهُ. وَإِنْ كَانَ مُقَيِّدًا لَهُ - كَاشْتِرَاطِ كَوْنِ الْمَهْرِ أَقَلَّ مِنَ الْمُسَمَّى - لَمْ يُؤَثِّرْ فِيهِ، لَكِنَّ الْمَشْهُورَ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute