الْإِمَامَ إِذَا أَخْطَأَ كَانَ دَرْكُ خَطَئِهِ عَلَيْهِ لَا عَلَى الْمَأْمُومِينَ، فَمَنْ صَلَّى مُعْتَقِدًا لِطَهَارَتِهِ وَكَانَ مُحْدِثًا أَوْ جُنُبًا أَوْ كَانَتْ عَلَيْهِ نَجَاسَةٌ، وَقُلْنَا: عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ لِلنَّجَاسَةِ كَمَا يُعِيدُ مِنَ الْحَدَثِ، فَهَذَا الْإِمَامُ مُخْطِئٌ فِي هَذَا الِاعْتِقَادِ، فَيَكُونُ خَطَؤُهُ عَلَيْهِ فَيُعِيدُ صَلَاتَهُ، وَأَمَّا الْمَأْمُومُونَ فَلَهُمْ هَذِهِ الصَّلَاةُ وَلَيْسَ عَلَيْهِمْ مِنْ خَطَئِهِ شَيْءٌ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهَذَا نَصٌّ فِي إِجْزَاءِ صَلَاتِهِمْ.
وَكَذَلِكَ لَوْ تَرَكَ الْإِمَامُ بَعْضَ فَرَائِضِ الصَّلَاةِ بِتَأْوِيلٍ أَخْطَأَ فِيهِ عِنْدَ الْمَأْمُومِ، مِثْلَ أَنْ يَمَسَّ ذَكَرَهُ وَيُصَلِّيَ، أَوْ يَحْتَجِمَ وَيُصَلِّيَ، أَوْ يَتْرُكَ قِرَاءَةَ الْبَسْمَلَةِ، أَوْ يُصَلِّيَ وَعَلَيْهِ نَجَاسَةٌ لَا يُعْفَى عَنْهَا عِنْدَ الْمَأْمُومِ، وَنَحْوَ ذَلِكَ، فَهَذَا الْإِمَامُ أَسْوَأُ أَحْوَالِهِ أَنْ يَكُونَ مُخْطِئًا إِنْ لَمْ يَكُنْ مُصِيبًا، فَتَكُونُ هَذِهِ الصَّلَاةُ لِلْمَأْمُومِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ مِنْ خَطَأِ إِمَامِهِ شَيْءٌ، وَكَذَلِكَ رَوَى أحمد وأبو داود عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " «مَنْ أَمَّ النَّاسَ فَأَصَابَ الْوَقْتَ وَأَتَمَّ الصَّلَاةَ فَلَهُ وَلَهُمْ، وَمَنِ انْتَقَصَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَعَلَيْهِ وَلَا عَلَيْهِمْ» " لَكِنْ لَمْ يَذْكُرْ أبو داود " وَأَتَمَّ الصَّلَاةَ " فَهَذَا الِانْتِقَاصُ يُفَسِّرُهُ الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ أَنَّهُ الْخَطَأُ، وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ: " وَإِنْ أَخْطَأَ فَعَلَيْهِ وَلَا عَلَيْهِمْ " أَنَّهُ إِذَا تَعَمَّدَ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ، وَلِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنَّ مَنْ يَتْرُكُ الْأَرْكَانَ الْمُتَّفَقَ عَلَيْهَا لَا يَنْبَغِي الصَّلَاةُ خَلْفَهُ.
[فَصْلٌ في محل الْقُنُوتَ في الصَلَاةِ]
فَصْلٌ
وَأَمَّا الْقُنُوتُ فَالنَّاسُ فِيهِ طَرَفَانِ وَوَسَطٌ، مِنْهُمْ مَنْ لَا يَرَى الْقُنُوتَ إِلَّا قَبْلَ الرُّكُوعِ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يَرَاهُ إِلَّا بَعْدَهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute