جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُصَنِّفِينَ فِي الْفِقْهِ، وَلَا يُوجَدُ فِي شَيْءٍ مِنْ دَوَاوِينِ الْحَدِيثِ. وَقَدْ أَنْكَرَهُ أحمد وَغَيْرُهُ مِنَ الْعُلَمَاءِ. وَذَكَرُوا أَنَّهُ لَا يُعْرَفُ وَأَنَّ الْأَحَادِيثَ الصَّحِيحَةَ تُعَارِضُهُ. وَأَجْمَعَ الْفُقَهَاءُ الْمَعْرُوفُونَ - مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ أَعْلَمُهُ عَنْ غَيْرِهِمْ - أَنَّ اشْتِرَاطَ صِفَةٍ فِي الْمَبِيعِ وَنَحْوِهِ، كَاشْتِرَاطِ كَوْنِ الْعَبْدِ كَاتِبًا أَوْ صَانِعًا، أَوِ اشْتِرَاطِ طُولِ الثَّوْبِ أَوْ قَدْرِ الْأَرْضِ وَنَحْوِ ذَلِكَ: شَرْطٌ صَحِيحٌ.
[القول الثاني الأصل في العقود والشروط الْجَوَازُ وَالصِّحَّةُ]
الْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْعُقُودِ وَالشُّرُوطِ الْجَوَازُ وَالصِّحَّةُ، وَلَا يَحْرُمُ مِنْهَا وَيَبْطُلُ إِلَّا مَا دَلَّ الشَّرْعُ عَلَى تَحْرِيمِهِ وَإِبْطَالِهِ، نَصًّا أَوْ قِيَاسًا، عِنْدَ مَنْ يَقُولُ بِهِ. وَأُصُولُ أحمد الْمَنْصُوصَةُ عَنْهُ: أَكْثَرُهَا يَجْرِي عَلَى هَذَا الْقَوْلِ. ومالك قَرِيبٌ مِنْهُ، لَكِنَّ أحمد أَكْثَرُ تَصْحِيحًا لِلشُّرُوطِ. فَلَيْسَ فِي الْفُقَهَاءِ الْأَرْبَعَةِ أَكْثَرُ تَصْحِيحًا لِلشُّرُوطِ مِنْهُ.
وَعَامَّةُ مَا يُصَحِّحُهُ أحمد مِنَ الْعُقُودِ وَالشُّرُوطِ فِيهَا [يُثْبِتُهُ] بِدَلِيلٍ خَاصٍّ مِنْ أَثَرٍ أَوْ قِيَاسٍ، لَكِنَّهُ لَا يَجْعَلُ حُجَّةَ الْأَوَّلِينَ مَانِعًا مِنَ الصِّحَّةِ، وَلَا يُعَارِضُ ذَلِكَ بِكَوْنِهِ شَرْطًا يُخَالِفُ مُقْتَضَى الْعَقْدِ، أَوْ لَمْ يَرِدْ بِهِ نَصٌّ. وَكَانَ قَدْ بَلَغَهُ فِي الْعُقُودِ وَالشُّرُوطِ مِنَ الْآثَارِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالصَّحَابَةِ مَا لَا تَجِدُهُ عِنْدَ غَيْرِهِ مِنَ الْأَئِمَّةِ، فَقَالَ بِذَلِكَ وَبِمَا فِي مَعْنَاهُ قِيَاسًا عَلَيْهِ، وَمَا اعْتَمَدَهُ غَيْرُهُ فِي إِبْطَالِ الشُّرُوطِ مِنْ نَصٍّ، فَقَدْ يُضَعِّفُهُ أَوْ يُضَعِّفُ دَلَالَتَهُ. وَكَذَلِكَ قَدْ يُضَعِّفُ مَا اعْتَمَدُوهُ مِنْ قِيَاسٍ. وَقَدْ يَعْتَمِدُ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ عُمُومَاتِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ الَّتِي سَنَذْكُرُهَا فِي تَصْحِيحِ الشُّرُوطِ، كَمَسْأَلَةِ الْخِيَارِ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثٍ مُطْلَقًا، فمالك يُجَوِّزُهُ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ، وأحمد فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ يُجَوِّزُ شَرْطَ الْخِيَارِ فِي النِّكَاحِ أَيْضًا، وَيُجَوِّزُهُ ابن حامد وَغَيْرُهُ فِي الضَّمَانِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute